{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا}[الكهف: ٥٣]، بل إنهم -والعِياذُ باللَّه- يَأْتون إليها وِرْدًا عِطاشًا، وتُمَثَّل لهم كأنها سَراب ماء، والعَطْشان إذا رأَى الماء ولو كان سَرابًا يَظُنُّه ماءً لشِدَّة التِفاتِه إلى الماء، فيَرِدونها على هذا الوجهِ -والعياذُ باللَّه- ويَتَساقَطون فيها.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن الكافِر قد يُمتَّع في الدنيا أَكثَرَ مِمَّا يُمتَّع المُؤمِن؛ لأنه تعالى قال:{نُمَتِّعُهُمْ} وهذا هو الواقِعُ؛ فإنَّ بعضَ الكُفَّار يَكون أَشَدَّ تمَتُّعًا في الدنيا من المُؤمِنين، ولكنه كما قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{قَلِيلًا}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن التَّمتيع في الدُّنْيا قليل في زمَنه ونَوْعه، أمَّا زمَنه فظاهِر؛ قال تعالى:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات: ٤٦]، وقال تعالى:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ}[الأحقاف: ٣٥]، وأمَّا نوعُه فقد قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"لمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْم مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"(١).