للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا تَصرُّفي فيها على حسَب ما أَذِن اللَّه تعالى به، ما هو على حسَب ما أُريدُ أنا، وبهذا يَزول الإشكالُ الَّذي يُورَد فيُقال: إذا قُلْتم: إن مِلْك السمَوات والأرض خاصٌّ باللَّه تعالى، أَليْس اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد أَضاف المِلْك إلى الإنسان: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣].

إِذَنْ: فهذا المِلْكُ ليس مِلْكًا مُطلَقًا بدليل أنه مُقيَّد بإِذْنِ اللَّه تعالى بما أَذِن اللَّهُ تعالى فيه.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات اسمَيْن من أسماء اللَّه تعالى، وهُما: الغَنيُّ والحميد. وما دلَّا عليه من الصِّفة، وهي: الغَناء والحَمْد. وما دلَّ عليه اجتِماعُهما من الصِّفة أيضًا، وهو أنَّ غِنَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَقرون بكَوْنه محَمودًا، فيَدُلُّ على أنه غِنًى ذاتِيٌّ، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مع كونه غَنيًّا جَوَادٌ يَجود بما عِندَه، إذ ليس كل غَنيٍّ حَميدًا.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بَيان أنَّ مِلْك اللَّه للسمَوات والأرض مِلْكٌ مُشتَمِل على الفَضْل والحَمْد؛ لأنه ذكَرَه بعد قولِه تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ}، فكونه غَنيًّا يُتمَدَّح سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بغِناه بعد ذِكْر مِلْك السمَوات والأرض؛ يَدُلُّ على فَضْله بهذا الغِنَى، وعلى حَمْده على هذا المِلْكِ، أنه مِلْك مَبنيٌّ على الحَمْد، وهذا كقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] حَمِد نَفْسه لكونه ربًّا للعالمَين؛ لأن رُبوبيته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رُبوبية يُحمَد عليها، لما فيها من كَمال الفَضْل والإحسان والعَدْل إلى غير ذلك.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: افتِقار ما في السمَوات والأرض إلى اللَّه؛ لأنَّ قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} دليل على أن ما في السمَوات والأرض محُتاجون إليه فُقراءُ، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: ١٥].

<<  <   >  >>