للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه (أن).

قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [(والبَحْرَ) عطف على اسم (أنَّ)]، فتكون بالنَّصْب.

وقوله تعالى: {يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} الخبَر مَحذوف قدَّرَه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ بقوله: [مِدادًا] يَعني: لو أن ما في الأرض من الأشجار أقلامٌ، وما فيها من البِحار مِدادٌ، يَعنِي: حِبرًا يُكتَب به، وجوابُ الشَّرْط قوله تعالى: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} المُعبَّر بها عن مَعلومات. . . إلى آخِره.

قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}: (نفِد) مَعناه: انتَهَى، و {كَلِمَاتُ} فاعِل؛ فـ {نَفِدَتْ} الكَوْنية، وأمَّا الشَّرْعية فلا تَنفَد؛ لأنه عَزَّ وَجَلَّ لم يَزَل ولا يَزال مُتكَلِّمًا، والخَلْق لا نِهايةَ له؛ لأنَّه إذا دخَل الناس الجَنَّة أو النار يَكون خُلودًا دائِمًا سَرْمَديًّا أبدِيًّا.

فإِذَن: كل شيء يَخلُقه اللَّه تعالى فإنما يَخلُقه بالكلِمة: (كُنْ فيَكون).

فإذا كانَتِ المَخلوقاتِ لا تَنتَهي، وكذلك أيضًا أفعال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الأزَل لا نِهايةَ لها، فإنها لا يُمكِن أن تَنفَد أبَدًا، حتى لو فُرِض أنَّ البَحْر ومِن بعده سَبْعةُ أَبحُرٍ تَمُدُّه، والشجَر -كل الشجَر الذي في الأرض- أَقْلام وصار يُكتَب بها، فإن كلِماتِ اللَّه تعالى لا تَنفَد.

ووجهُ ذلك واضِح؛ لأن المَخلوقاتِ لا تَنفَد، وكلُّ مخَلوق فإنه يَكون بالكلِمة؛ قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢].

إِذَنْ: يَتبيَّن لنا وَجْه كَوْن هذه الجُمْلةِ الخبَرِية صِدْقًا محَضًا، وهي صِدْق لا شَكَّ، فخبَرُ اللَّه تعالى صِدْق.

<<  <   >  >>