للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِزَّة القدَر، والثاني: عِزَّة القَهْر وهي الغلَبة، والثالِث: عِزَّة الامتِناع، وهي: أنه عَزَّ وَجَلَّ لا يَناله شيء بسُوء أبَدًا، فهو مُمتَنِع عن كل سُوء لِقُوَّته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وأمَّا قوله تعالى: {حَكِيمٌ} فهو هنا قال: [لا يَخرُج شيء عن عِلْمه وحِكْمته] ففَسَّر الحِكْمة بالعِلْم، وقد سبَقَ لنا أن الحكيم مُشتَقَّة من الحُكْم والحِكْمة؛ فهو حَكيم لا يَخرُج عن مُلكِه شيء وحُكْمِه، وحَكيم لا يَخرُج عن حِكْمته شيء، إذَنْ هو حاكِم محُكَم، كلها تُؤخَذ من كلِمة حَكيم.

وفي قَرْن العَزيز بالحَكيم إثباتُ صِفة ثالِثة غير العِزَّة والحِكْمة، وهي: أن عِزَّته عَزَّ وَجَلَّ مَقرونة بحِكْمة، فتكون عِزَّةً أكمَلَ، وتَكون حِكْمةً أكمَلَ، وذلك أن العزيزَ من الخَلْق قد تَأخُذه العِزَّة بالإِثْم، فلا يَكون حَكيمًا في تَصرُّفه، لكن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عِزَّته مَقرونة بالحِكْمة، لا يُمكِن أن تَخْرُج أفعاله عن الحِكْمة التي هي مُوافَقة الصَّواب.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَتكَلَّم؛ لقوله تعالى: {كَلِمَاتُ اللَّهِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: قال بعضُهم: إنَّ كلماتِه تعالى مَسموعة؛ لأنها تُكتَب، ولا يُكتَب إلَّا ما كان مَسموعًا.

وهذه الفائِدةُ فيها نظَر؛ لأنه يُمكِن أن تَكتُب الشيءَ مجُرَّد كِتابة؛ يَعنِي: أن الإنسان يُمكِن أن يَكتُب كلِماتِه هو دون أن يُسمِع غيرَه.

إِذَنْ: هذه الفائِدةُ فيها نظَرٌ، لكن يُؤخَذ من إثبات أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَتكلَّم بصَوْت: أنَّ الكَلام لا يُسمَّى كلامًا إلَّا حيث يَكون صوتًا، أمَّا مجُرَّد ما في النَّفْس فليس بكَلام.

<<  <   >  >>