للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظاهِرة جِدًّا، لأن هذه الفُلْكَ التي تَجرِي في البَحْر تارةً تَعصِف بها الأمواجُ ويَتأَذَّى الإنسان بذلك وربما يَتَضرَّر فيُقابِل ذلك بالصَّبْر، وقد يَكون الأمر بالعَكْس فيَشْمَل العبورَ على البَحْر، ويَحصُل بذلك خير كثير، فيُقابِل ذلك بالشُّكْر، فلمَّا كانت هذه السُّفُنُ بها سرَّاءُ وضرَّاءُ ختَمَ اللَّه تعالى الآية بقوله: {لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.

وعلى هذا فنَقول في قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لِكُلِّ صَبَّارٍ} عن مَعاصِي اللَّه] فيه شيء من القُصور، بل نَقول: لكل صبَّار عن مَعاصيه وعلى أقدارِه المُؤلمِة.

وفي قوله: {شَكُورٍ} أي: [لنِعَمِه]، كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: تَقريرُ المُخاطَب بهذه النِّعْمةِ وهي جرَيانُ الفُلْك في البَحْر بنِعْمة اللَّه تعالى.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن جرَيانَ الفُلْك على هذا الماءِ السَّيَّال مع أنها تَحمِل الأثقال الثَّقيلة، من نِعْمة اللَّه، بِناءً على أن الباء للسَّبَبية.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: حِماية اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للخَلْق في إظهار آياته لهم، لقوله تعالى: {لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الآياتِ إنما يَنتَفِع مَن جَمَع بَيْن الصَّبْر والشُّكْر؛ لقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}؛ صبَّار عند الضَّرَّاء وشَكور عند السَّرَّاء.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن آياتِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في خَلْقه: حِسِّيَّة ومَعْنوية؛ فالفُلْك الذي في البَحْر حِسِّيٌّ، وقد جعَلَه اللَّه تعالى مِن آياته، لقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ}.

<<  <   >  >>