للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ}: {مِنْ} هنا للتَّبْعيض؛ إِذْ إن السُّفُن والراكِبَ عليها لا يَرَى كلَّ آيات اللَّه تعالى، ولكنه يَرَى بعضًا منها.

وقوله تعالى: {لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ} أي: ممَّا يَدُلُّ على كَماله في القُدرة والإنعام وغيرِ ذلك، والآياتُ جَمْع آيةٍ وهي في اللُّغة: العَلامة، والمُراد بها كلُّ ما يُستَدَلُّ به على كَمال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في ذاته وصِفاته.

والآياتُ التي ترى: ما في البَحْر من الأسماك والحِيتان العَظيمة المُتنَوِّعة، وكذلك أيضًا من آياته ما يُشاهَد في البَحْر في أَمواجه وشِدَّتها وخِفَّتها، وكذلك أيضًا ما يُشاهَد من البحر من الأبخِرة التي تَتَصاعَد وتَتكوَّن سَحابًا بإذن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

المُهِمُّ: أن هذه الآياتِ العَظيمةَ أيضًا هي ليسَتْ كلَّ الآيات، ولكنها من آيات اللَّه تعالى بعض آياتِه.

وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}: {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المُشار إليه: ما ذُكِر في البَحْر من جرَيان السُّفُن بنِعَم اللَّه، وما يُشاهَد في البَحْر من آيات اللَّه تعالى.

وقولُه تعالى: {لَآيَاتٍ} أي: لعَلاماتٍ كَثيرة و {آيَاتٍ} هذه اسمُ (إِنَّ) مُؤخَّر و {فِي ذَلِكَ} جارٌّ ومَجرور خبَرها مُقدَّمٌ.

يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَآيَاتٍ} عِبَرًا] يَعتَبِر بها الإنسانُ، وَيَستَدِلُّ بها على كَمال قُدْرة اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى [{لِكُلِّ صَبَّارٍ} عن مَعاصِي اللَّه {شَكُورٍ} لنِعَمِه].

وقوله تعالى: {صَبَّارٍ} صِيغة مُبالَغة، يَعنِي: كثير الصَّبْر.

وقوله تعالى: {شَكُورٍ} صِيغة مُبالَغة أيضًا، أي: كثير الشُّكْر.

والمُناسَبة لذِكْر (الصَّبَّار الشَّكور) بعد ذِكْر أن (الفُلْك تَجرِي في البَحْر بنِعْمة اللَّه)

<<  <   >  >>