الحَيوان المَنوِيِّ، وأنَّ الذكَر له صِفة خاصة والأُنثى لها صِفة خاصَّة، فإذا صَحَّ هذا فلا تَقُل: من أَيْن؟
فإن قال قائِل: كيف ذلك في نَفْس الحيوان إذ لم تَتَلقَح نفسُ البُويْضة بعدُ؟
فالجَوابُ: هُمُ الآنَ أَثبَتوا هذا، وصَوَّرها أيضًا، صَوَّروا هذا؛ فقالوا: إن الحَيوان المنَويَّ الذكَر هذا له إشعاع خاصّ، يَنطَلِق بإشعاع خاصٍّ، واللَّهُ أَعلَمُ.
وعلى كل حال: هم إذا تَوَصَّلوا إلى ذلك فإننا نَقول: مَن يَعلَم أنه سيقدِّر الذكَر أو الأنثى إلَاّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثُمَّ الأحوال الأُخرى التي ذكَرْنا أنها مُتعَلّق مَن عِلْم الأَجِنَّة لا يُمكِن أن يَعلَموها.
وأَقول: يَجِب أن لا نُعارِض الشيءَ هكذا، بل يَجِب أن نَتَرّيث؛ لأننا لو نَدفَع هذا الشيءَ ثُمَّ نَقول: هذا الشيءُ محُال. ثُم يَكون ثابِتًا بمُقتَضى العُلوم الحَديثة، فإنه يُؤدِّي ذلك إلى رَدِّ القُرآن أو التَّشكيك فيه، ونحن نَعلَم أنه لا يُمكِن أن يَتَناقَض أمران يَقِينِيَّان، فكل أَمْرَيْن يَقينِيَّين فإنه لا يُمكِن أن يَتَعارَضا أبدًا، فهذا مُستَحيل.
فإن قال قائِل: الإنسان الذي يُحاوِل بهذه الأُمور على أن يَعلَم هل يَأثَم أو لا؟
فالجَوابُ: لا، لا يَأثَم، قال تعالى:{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} ولم يَقُلْ: لا تَعلَموا، فنحن نَعلَم الآنَ عندما نَتَوصَّل بهذه الوسائِلِ فليس عِلْمَ غَيْب.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} أذَكَر أم أُنْثَى، ولا يَعلَم واحِدًا من الثلاثة غيرُ اللَّه تعالى] اقتِصاره على [أذَكَر أم أنثى] فيه نظَرٌ، لأن عِلْم ما في الأرحام ليس مُتعَلِّقًا بالذكَر أو الأنثَى فقَطْ، بل ما هو أعَمُّ.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ:[وَلا يَعلَم واحِدًا من الثَّلاثة غيرُ اللَّه] هذا قَبْل تَكوينه مُمكِن،