للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: ما ليس فيه فائِدة مِثْل بعض الأشعار التي لا يُستَفاد منها اللغة العربية، ولا يُستَفاد منها مَوْعِظة أو ترقيق قَلْب، هل يَدخُل في لَهْو الحديث؟

فالجَوابُ: الظاهِر أنها تَدخُل في لَهْو الحديث الذي لا يَنفَع ولا يَضُرُّ، لكنه قد يَجُرُّ إلى ما يَضُرُّ، وإن لم يَكُن من ضرَره إلَّا أنه يُلهِي عمَّا هو أهَمُّ.

ومن لَهْو الحَديث أيضًا: الذي قد يُضِلُّ عن سبيل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما يُوجَد في قصائِد الصُّوفية البَريئة من الشِّرْك، وإلَّا بعضها شِرْك -والعِياذُ باللَّه- بعضها يُفضِي إلى الحُلول، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حالٌّ في المخلوقات، وهذا مَعروف شأنه حتى لو كان نَثْرًا، فإنه مُحرَّم.

ولكن بعضها ليس كذلك إلَّا أن بعض الناس يَتَلهَّى به عن مَواعِظ القُرآن والسُّنَّة حتى يَكون ذلك دَيدَنَه، وهذا لا يَجوز.

ويُوجَد الآنَ ما يُسمَّى بالأناشيد الإسلامية التي استَوْلت على عُقول كثير من الناس حتى صار كأنما يَقرَأ القرآن، فهي دائِمًا على لِسانه وعلى قَلْبه، وهذا ذَكَر شيخُ الإسلام في الفَتاوى (١): أن ذلك ممَّا يُلهِي عن الكِتاب والسُّنَّة وحذَّر منه تَحذيرًا كثيرًا.

ولكن عندما يَكون عندك مثَلًا ضَعْف وخوَر وكسَل وتُريد أن تَسمَع هذه الأشياءَ، لتُرقِّق قلبك هذا لا بَأسَ به، ولكن قَصْدي بأُولئك الذين اتَّخَذوها دَيْدنًا لهم؛ فالإكثار منها والاشتِغال بها عن مَواعِظ القُرآن والسُّنَّة هو المَحظور.

فإن قال قائِل: إذا كان إنسان قد تَعوَّد على الغِناء فترة، ثُمَّ لمدَّة شَهْر أو شهرين أَراد سَماع الأناشيد للمُعالجِة؟


(١) مجموع الفتاوى (١١/ ٥٩٤).

<<  <   >  >>