للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا لا بأسَ به لمِا فيه مِن الإعانَة على العمَل.

ومِنه حُدَاءُ الإبِل فَإِنَّه كان يُحْدَى بين يَدَيِ الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في الإِبِل؛ لأنَّ حُدَاءَ الإبِل يَزيدُها مَشْيًا فتُسرِع، فإنهم يَذكُرون مِن أحوالها أَشياءَ عَجيبة عندما يَحدو الحادِي إذا كان حَسَن الصوت تَمشِي مِن غير شُرُود؛ ولهذا كان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقول: "يَا أَنْجَشَةُ رِفْقًا بِالْقَوَارِيرِ" (١) يَعنِي: بِالنساء، وشَبَّهَهَا بالقوارير لِأَجْل أن يَرْفُقَ بِها أكثَرَ؛ لأنَّ القوارِير مَع الحرَكة تَتكَسَّر.

فالحاصِلُ: أن نَقول: إن الغِناء له الأحوال له التي ذُكِرت، إنِ اقتَرَن بآلة لَهْو كما هو المَوجود الآنَ فهو حرام ولا شَكَّ فِيه؛ لأنَّه داخِل في حديث أبي مالك الأشعريِّ -رضي اللَّه عنه- إلذي رواه البخاري (٢) رَحِمَهُ اللَّهُ فهو حَرام لا رَيبَ فيه، وإذا خَلا فهو على حَسَب الحال.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ لَهْو الفِعْل أيضًا لا يَجوز التَّساهُل فيه، ويُؤْخَذ ذلك مِن قوله تعالى: {لَهْوَ الْحَدِيثِ} فإنَّ القِياس أنَّ لَهْو الفِعْل كذلك، لأنَّ الكُلَّ لَهْوٌ وضَياعُ وَقْتٍ.

وعلى هذا فالألعاب التي لا تَزِيد الإنسان نَشاطًا ولا قُوَّةً، ويَضيع بها الوقت تَدْخُلُ في هَذا.

مسألة: الشِّطْرَنْج فيه خِلاف بين أهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ، والصَّحِيح أنَّه حرام.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر والرجز، رقم (٦١٤٩)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب في رحمة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للنساء، رقم (٢٣٢٣)، من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه معلقًا البخاري: كتاب الأشربة، باب فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، رقم (٥٥٩٠)، من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>