للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ادَّعى بعضُهم: أنَّ الشطرنج تَشْحَذُ الأَذْهان، واعتَرَض عليه آخَرُ، فقال: إنَّ الذين يَلعَبونها مِن أبلَدِ الناسِ أَذْهانًا؛ لأنَّهم لا يَعرِفون أشياءَ زائِدةً عمَّا يَتعَلَّق بهذه اللُّعبةِ، فهم بُلَداءُ فيما سواها؛ ولهذا لو نَاقَشْتَهم في أمور لا تَتعَلَّق بهذه اللُّعبةِ لوجَدْتَهم من أبلَدِ الناس؛ لأن أفكارَهم انحَصَرَت في هذه اللُّعبةِ؛ فأينَ ما يُقال: إنه شَحْذ لِلذِّهْن؟ ! .

فالمُهِمُّ: أنَّه يُؤخَذ مِن فَحوى الآية الكريمة: أنَّ لهْو الفِعْل كَلَهْوِ الحَديث.

فإن قال قائِل: هل الكُرَةُ تَدخُل في هذا أو لا؟

فالجَوابُ: أنَّ الكُرَة لا تَدخُل هنا؛ لأنَّ الكُرَة فيها رِياضة بدَنِيَّة إلَّا إذا ترتَّب عليها محذُور شَرعي مِن تَرك واجبٍ أو فِعل محرَّم، أو كانَت تَشتَمِل على كَشْفِ العَورة، كما لو كانوا مثَلًا يُبْدُون أفْخَاذَهم، فإنَّ تكون محرَّمة؛ كالبَيع والشِّراء -الذِي هو جائِز بالإِجْماع- إذا أَلْهى عَن واجِب صارَ حرامًا، لكن إذا انتَفَت عن المَحظُور فلا أَرَى بِها بأسًا؛ لأنَّها تُفِيد البَدَن.

لكن في بعض الأحيان تَكون الكُرَة مُغالَبة بين فريقَيْن يَنتَميان إلى نادِيَيْن، ثُمَّ إذا غُلِبَ أحدُهما بدَأَ الآخَرون يَحذِفون بالحِجارة أحيانًا ويُكَسِّرُون السيَّاراتِ، فهذه رُبَّما نَقول: مِن هذه الناحيةِ قد تَكون مُحرَّمَة؛ فيَحدُث هذا ممَّن يَنْتَمون إلى النَّوادِي حسبَ ما سَمِعت، وبعضهم قد يَكون مُعْتَدِلًا ولا يَحصُل مِنه هذا الشيءُ.

لكن افرِضْ أنَّ جماعة مِن الناس خرَجوا إلى نُزْهة، وكان عندهم فَراغ مَثَلًا، وأَرادوا أن يَفعَلوا هذه، فلا نَقول: هذا حرام.

المُهِمُّ: أنَّها في الأصل هي مُباحة، فإنِ اقتَرَن بها ما يَقتَضِي التَحْرِيم حُرِّمت،

<<  <   >  >>