للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكل المُباحات إذا اقتَرَن بها ما يَقتَضي التحريم تَكون حرامًا، وإذا اقتَرَن بها ما يَقتَضي الوجوب صارت واجِبًا؛ لأن المُباح لِذَاته قد تَتَعَلَّق به الأحكام الخَمْسة كما هو مَعروف.

وأنا أُحِبُّ أن نَفهَم القواعد، فـ (تَحرِيم الحلال أشَدُّ من تَحليل الحرام)؛ لأن اللَّه تعالى محبُّ أن يُيَسِّر على عِباده ويُوسِّع لهم، فلا يُمكِن أن نُقدِم على شيء ونَقول: هو حرام إلَّا بالدليل؛ لأننا مَسؤُولون عن هذا يوم القِيامة، مَسؤُولون عن نِسبته إلى اللَّه تعالى أنَّ اللَّه تعالى حرَّمه، ومَسؤُولون عن التَّضييق على عِباد اللَّه تعالى فيما أَباحَه اللَّه تعالى لهم، فالمَسأَلة ليست هَيِّنةً.

ولْنَكُن مُعتَدِلين لا نَميل إلى قول مَن يَقول: إن الكُرَة تَصِل إلى درجة الاستِحْباب أو الوُجوب. ولا إلى قول مَن يَقول بالتَّحريم مُطلَقًا، نَقول: هي في الأصل مُباحة. هذا رَأْيِي، وإنِ اقتَرَن بها ما يَقتَضي التحريم صارت حَرامًا وإلَّا فَلا.

فإذا تَضَمَّنت إشغال الإنسان عمَّا هو أهَمُّ، أو عن واجِب لا شَكَّ أنَّها حرام، عمَّا هو أهمُّ خِلَاف العِقْل فيها نوع مِن السَّفَه، ولكن لا نَقول: حرام؛ لأنَّ الإنسان يجوز أن يَشتَغِل بما ليس بأَهَمَّ عن الأهَمِّ إذا لم يَكُن واجِبًا.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: ذَمُّ كُلِّ ما يَصُدُّ عن سبيل اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، ثُمَّ إن كان يُضِلُّ عن واجِب صار حرامًا، وإن كان يُضِلُّ عن مُسْتَحَبٍّ لم يَكُن حرامًا، لكنَّه يُذَمُّ بلا شكٍّ.

الْفَائِدَةُ الخامِسَةُ: تَحريم الهُزْء بآيات اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى: {وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}، والاستِهْزاء بآيات اللَّه تعالى حُكْمُه الكُفْر، فمَنِ استَهْزَأ بآيات اللَّه تعالى فهو كافِر

<<  <   >  >>