للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدُهما: أنها وَعْد اللَّه، ووَعْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يُخلِف، لأنه لا يُخلِف الميعاد؛ لتَمام صِدْقه وقُدْرته، والإخلاف للوَعْد إنما يَأتي من أَمْرين:

١ - إمَّا أن يَكون الواعِد كاذِبًّا فليس محَلًّا للصِّدْق.

٢ - وإمَّا أن يَكون صادِقًا لكن يَعجِز عن الوفاء بما وعَدَ.

واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد انتَفَى بحَقِّه الأمران، فهو مُنزَّهٌ عن الكذِب، ومُنزَّهٌ عن العَجْز، فإذا كان مُنزَّهًا عن الكذِب وعن العَجْز لزِم أن يَكون كامِل الصِّدْق والقُدْرة، وحينئذ يَتحَقَّق ما وعَدَ به.

وأمَّا المُؤكِّد الثاني فهو قوله تعالى: {حَقًّا}، يَعنِي: أُؤكِّده تأكيدًا وأَحقَّه حقًّا، وهذا من زيادة التَّوْكيد في الوَعْد.

وقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [إنه الغالِب الذي لا يَمنَعه شيء من تَنفيذ وَعْده ووَعيده] ولكن سبَق لنا أن العِزَّة التي وصَف اللَّه بها نَفْسه لها ثلاثة مَعانٍ: عِزَّة القَهْر، وعِزَّة القَدْر، وعِزَّة الامتِناع.

أمَّا عِزَّة القَهْر: فمَعناها أنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الغالِب الذي لا يُغلَب؛ ولهذا يُقال: فُلان عزيز. يَعنِي: غالِب في الجِهاد والقِتال، قال اللَّه تعالى: {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [الفتح: ٣].

الثانِي: عِزَّة القَدْر: بمَعنى أنه ذو قَدْر عظيم.

والثالِث: عِزَّة الامتِناع: بمَعنَى أنه يَمتَنِع عليه النَّقْص، ومنهم قولهم: أرض عِزاز. للأرض القَويَّة الشديدة الصُّلْبة. نحن نُسمِّيها باللغة العامية: (عَزَا) يَعنِي: قوِيَّة صُلْبة.

<<  <   >  >>