للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَنْ: فـ (العزيز): هو المُتَّصِف بالعِزَّة، وعِزَّته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثلاثة أنواع: عِزَّة قَدْر، وعِزَّة قَهْر، وعِزَّة امتِناع.

فأمَّا عِزَّة القَهْر: فمَعناها أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قاهِر لكل شيء لا يَغلِبه شيء.

وأمَّا عِزَّة القَدْر: فهو كماله في ذاته أنه ذو قَدْر عظيم.

وأمَّا عِزَّة الامتِناع: فهو امتِناعه عن كل نَقْص وعِلَّة.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{الْحَكِيمُ} الذي لا يَضَع شيئًا إلَّا في مَحلِّه] قوله تعالى: {الْحَكِيمُ} تَقدَّم لنا أنه مُشتَقٌّ من الحُكْم والحِكْمة، وأن الحُكْم نوعان: حُكْم كونيٌّ قدَريٌّ، وحُكْم شَرْعيٌّ دِينيٌّ، فما جاءت به الرُّسُل من الأوامِر والنَّواهِي: هذه أحكام شرعية دِينية، وما يَتعَلَّق بالخَلْق والتَّكوين؛ قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]، فهذا حُكْم كونيٌّ.

ثُمَّ إن هذين الحُكْمين مَقرونان بالحِكْمة، وهي مُوافِقة الصواب، ومُوافَقة الصواب: مَعناها أن يَضَع كل شيء في مَوضِعه، فكل شيء من أَحكام اللَّه تعالى الكونية وأحكامه الشَّرْعية، فإنه في غاية ما يَكون من الصواب وفي غاية ما يَكون من المُطابَقة لمَحَلِّه، فلم يَخلُقِ اللَّه تعالى شيئًا سفَهًا ولا شرَعَ شيئًا سفَهًا، بل كل مَشروعاته فإنها حِكْمة، وكل مخَلوقاته حِكْمة.

وتَقدَّم لنا أن الحِكْمة أيضًا نَوْعان: حِكْمة غائِية، وحِكْمة صورية، والصورية مَعناها: أنَّ الشيء على هذه الصُّور المُعيَّنة مُوافِق للحِكْمة، والغائِية مَعناها: أن إيجاد هذا الشيءِ له حِكْمة وغاية مَحمودة.

<<  <   >  >>