للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} أي: السمَواتِ كذلك لا عمَدَ لها.

وقال بعضُ المُفسِّرين: إن مَعنَى قوله تعالى: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} أن لها عمَدًا، لكن لا تُرَى.

والصواب: أنه لا عمَدَ لها، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَمسَكها بقُدْرته، كما قال تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج: ٦٥]، فكونها لا يَكون لها عمَدٌ أبلَغُ في قُدرة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

فالآيةُ لها مَعنَيان: الأوَّل: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}؛ أي: لا عمَدَ لها، والثاني: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}، أي: لها عمَدٌ، لكن لا تُرَى، والمَعنَى الأوَّل هو الصحيح، ولكن المَعنى الأوَّل له تَخريجان:

أحَدُهما: أن يَكون قوله تعالى: {تَرَوْنَهَا} الهاء تَعود على {السَّمَاوَاتِ} يَعنِي: أنكم تَرَوْنها كذلك لا عمَدَ لها، فهي لا عمَدَ لها.

والثاني: يَعود على العمَد، أي: بغَيْر عمَد تَرَوْنها، وهو صادِق بأنه ليس لها عمَد أَصْلًا كما تَقول: ليس في هذا المكانِ عَمود أَراه. المَعنى: ليس فيه عَمود.

وهذا -أَعنِي: كونَه لا عَمدَ لها- أصَحُّ وأبلَغُ في قُدْرة اللَّه تعالى، وقد قال اللَّه تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}.

قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} جِبالًا مُرتَفِعة] {وَأَلْقَى} بمَعنَى: وضَع {فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} جَمْع راسِية، وهذه الرَّواسِي هي: الجِبال.

ودليل ذلك قوله تعالى: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [النازعات: ٣٢] فهي رَواسٍ لنَفْسها، وهي أيضًا مُرْسِية للأرض مُثبِّتة لها.

<<  <   >  >>