للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَرُونِي} قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [يا أهلَ مَكَّةَ] بِناءً على أنَّ كُلَّ خِطاب في سُورةٍ مَكِّيَّة يَتعَلَّق بالكُفَّار فالمُراد به أهلُ مكَّةَ، والصواب: أنَّه عامٌّ؛ ويُمكِن حتى الآنَ أن نَقول بهذا التَّحدِّي في عصرِنا الحاضِر، والأَمْر هنا في قوله تعالى: {فَأَرُونِي} لِلتَّعجيز والتَّهديد.

وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} غيرِه؛ أي: آلهَتِكم حتى أَشرَكْتُموها به تعالى] يَعنِي: أَروني ماذا خَلَقوا، فإذا أَرَيْتُموني أنَّها خَلَقَت شيئًا، فإنَّه قد يَكون عُذْرًا لكم في تَشْرِيكِها مع اللَّه تعالى في العِبادة، أَمَا والأمر ليس كذلك ولا يُمكِن أن يُوجَد خَالِقٌ سِوى الربِّ عَزَّ وَجَلَّ، فإنه لا يَجوز أن يُعْبَد معه غيرُه؛ لأنَّه إذا أَقرَرْتم بأنه لا خالِقَ إلَّا اللَّه تعالى يَجِب أن تُقِرُّوا بأنَّه لا مَعبودَ إلَّا اللَّه تعالى، وأنه كما أَقرَرْتم بالربوبية يَجِب أن تُقِرُّوا بِالأُلُوهِيَّة.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَاذَا خَلَقَ} يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [(ما) استِفْهامُ إنْكَار مُبتَدَأٌ، و (ذا) بمَعنَى (الذي) بِصِلتِه خَبَرُه، و (أَروني) مُعَلَّقٌ عَنِ العَمَل، وما بعده سَدَّ مَسَدَّ المَفعولَيْن].

قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} أَعرَبَه المُفَسِّر إعرابًا صحيحًا، ونَقول: (ما) اسمُ استِفْهام و (ذا) اسمٌ مَوْصول مَبنيٌّ على السكون في مَحلِّ رَفْع، و {خَلَقَ} فِعْل ماضٍ، والجملة صِلة المَوْصول لا مَحَلَّ لها مِن الإعراب، والعائِد محَذوف، والتقدير: ماذا خلقَهُ الذين مِن دونه، والجُملة {مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِه} جُملة استِفْهام مُعَلِّقَة عَنِ عمَل {فَأَرُونِي}.

وقوله: [وما بعدَه سَدَّ مَسَدَّ المَفعولين] هذا إذا قُلْنا: إنَّ الرؤيا بمَعنَى العِلْم، أمَّا إذا قُلْنا: إنَّ الرُّؤيا بمَعنَى: رُؤَية البصَر، فإنَّ ما بعده سَدَّ مَسَدَّ مَفعولٍ واحِد فَقَط.

<<  <   >  >>