قال الألباني: كذا قال المؤُلِّف - رحمه الله - وأقرَّه الحافظ في "التهذيب"! ومعنى ذلك أنَّ الساقط هو: (الحارث نسيب ابن سيرين)؛ وهذا وهم فاحش، لا يتحمَّلُه يحيى بن أبي كثير، وهو ثقة ثبت، كما في "التقريب"، ولا سيَّما ودونه من هو أولى بنسبة الوهم إليه، وهو معمر بن يعمر - وهو الليثي الدمشقيُّ - أو الراوي عنه محمد بن خلف الداري، وقد ترجمهما ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، والحافظ في "التهذيب" - سوى الأول منهما -؛ فقد ذكره المؤلف في "ثقاته"(٩/ ١٩٢)، وقال:"يغرب". وقال ابن القطَّان:"مجهول الحال". قلت: فنسبة الوهم إلى مثلِه أولى من نسبته إلى ذاك الجبل حفظا؛ كما لا يخفى. وقد خالف هشام بن سعيد، فقال: أنا معاوية - يعني: ابن سلام -بإسناده المذكور، فقال: عبد الرحمن بن شيبة - مكان: عبد الله بن نسيب - الَّذي لا وجود له في كتب الرجال! رواه أحمد عنه (٦/ ١٢٩)؛ وهو طالقاني ثقة. وتابعه يحيى بن بشر الحريري: نا معاوية بن سلام ... به. أخرجه الحاكم (٤/ ٣١٩ - ٣٢٠)، وصححه، ووافقه الذهبي. وتابعه عنده (١/ ٣٤٦) حرب بن شدَّاد، أن يحيى بن أبي كثير حدَّثهبه. وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي. فإطباق هؤلاء الثقات على رواية الإسناد عن عبد الرحمن بن شيبة: يُؤكِّدُ أَنَّهُ هو تابعيُّ الحديث، وليس عبد الله بن الحارث؛ كما زعم المؤلِّف. ويزيده تأكيدا: أنَّ عليّ بن مبارك لَمَّا رواه عن يحيى - أيضاً - قال: عبد الرحمن بن شيبة خازن البيت. أخرجه أحمد (٦/ ٢١٥). فهذه الصِّفة:"خازن البيت" هي صفة عبد الرحمن بن أبي شيبة؛ كما جاء في ترجمته، وهو ثقة. وبذلك صحَّ الحديث، والحمد لله. فاغْتَنِمْ هذا التحقيق؛ فإنَّكَ قد لا تراهُ في مكانٍ آخر، وبالله التوفيق.