للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والضمّ فغير مصيبٍ، فإن أريد الأفصح فالكسر فقط (١).

«سَنَامِه»: بفتح السِّين المهملة، أي: أعلاه، شوّقه به لمعرفة ذلك ليُقبِلَ عليه بشراشِرِه (٢) ويصغي إليه بكلِّيته.

«قلت: بلى يا رسول الله أَخْبِرنِي، قال: رأسُ الأمرِ الإِسْلامُ» أي: النطق بالشهادتين, كما جاء مفسّرًا بهما في رواية أحمد (٣)، فهو من جميع الأعمال بمنزلة الرأس من الجسد في احتياجه إليه، وعدم بقائه بدونه، فلا أثر لجميع أمور الدين بدونه، كحياة الحيوان بدون رأسه، فما لم يقرّ المكلَّف بكلمتي الشهادة فلا شيء له من الدِّين أصلًا، وإذا أقرّ بهما حصل له أصل الدّين لكن ليس له قوّةٌ وكمالٌ، كالبيت الذي لا عَمود له،


(١) الذي يظهر أنّ وجه الفتح لم ينُصُّوا عليه، بل عامّة من رأيته قد اقتصر على الكسر والضمّ، كابن مالكٍ في إكمال الإعلام بتثليث الكلام (١/ ٢٢٩) قال: (والذِّروة بالضمّ والكسر: أعلى كلّ شيء). واقتصر عليهما أيضًا: صاحب القاموس (١١٨١). ولكن ذكر الزبيديّ في تاج العروس (٣٨/ ٨٧) قوله: (وروى التقيّ الشمنّيّ في شرح الشفاء أنه يُثلَّث). والتقيُّ الشمنّيُّ توفِّي سنة (٨٧٢ هـ) ولو وجد الزبيديُّ من قبل التقيِّ لنصّ عليه، وقال الهيتمي في الفتح المبين (٤٨٥): (قيل: والقياس جواز فتحه أيضًا)، ولذا لم يجزمها ملّا القاري في شرح الشفاء (٢/ ٦٢) لأنه لمَّا ذكر الكسر والضمّ قال: (ويحكى فتحها). والعجيب أنّ الشارح المناويّ نفسه -رحمه الله- اقتصر على هذين الوجهين فقط في التيسير بشرح الجامع الصغير (٢/ ١٨).
(٢) الشَّراشر: النفس، يقال: ألقى عليه شراشِره، أي: نفسه، حرصًا ومحبّةً. تاج العروس (١٢/ ١٥٩).
(٣) في مسند أحمد (٣٦/ ٤٣٤) من حديث شهر بن حوشب عن ابن غَنْم عن معاذ بن جبلٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن شئت حدَّثتك يا معاذُ برأسِ هذا الأمر، وقوامِ هذا الأمْر، وذروةِ السَّنام، فقال معاذ: بلى بأبي وأمّي أنت يا نبيَّ الله فحدّثني، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ رأس هذا الأمْر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وإنَّ قوام هذا الأمْر: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ... ». وسيأتي تخريجها في آخر الحديث إن شاء الله.

<<  <   >  >>