للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زمانها، وأخرى بحسَب مكانها، وطورًا بحسَب حال المتَّصف بها، وآونةً بمقتضى سببها، ومرة تترجح بعموم الانتفاع، وأخرى بوقوعها في بعض الأزمنة الفاضلة أو البقاع (١)) (٢).

قال المظهِرُ: (وإنما خصَّ الشّهادة والصّلاة ولم يذكر الزكاة والصوم والحج؛ لأنَّه ذكر الأركان الخمسة في أوّل الحديث، وأعاد هنا ذكر ما هو الأقوى منها تعظيمًا لشأنهما؛ لأنهما يتكرَّران في كلّ يومٍ وليلةٍ، بخلاف الزكاة والصوم ففي كلِّ سنة، والحجّ لا يتكرَّر، وزاد الجهادَ وبيَّن أن به رفعةَ الدين؛ تحريضًا للناس عليه لكراهة النّفوس له) (٣).

قال الطيبيُّ: (وإنما خصَّ هذه القرينة بالباء، والأولى بـ (على)، لأنَّ (٤) هذه القرينة أجمعُ وأشملُ؛ لأنَّ المعنَى بأمرِ الدِّين (٥)، وهو مشتملٌ على أبواب الخير، وعلى ما سبقه من نحو: «تعبد الله» إلخ.

ولهذا أكَّد بالباء في القرينة الثالثة الآتية، وأكدها بـ (كلِّه)؛ لكونها أجمع منها، وهذا الترقي ينبِّهُك على جواز الزيادة في الجواب، كما في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (٦) وهو (٧) من الأسلوب الحكيم (٨).

والسؤالُ ضربانِ: جَدَلِيٌّ وتعليميٌّ، وحق الأول: مطابقة الجواب من غير زيادة ولا


(١) في الأصل: (البقا) بدون عينٍ, والمثبت من (ب).
(٢) انظر في هذه القاعدة: قواعد الأحكام في مصالح الأنام لابن عبد السلام (١/ ٨٨)، والفروق للقرافي (٢/ ١٤٤)، والمنثور في القواعد للزركشي (٣/ ٤٠).
(٣) المفاتيح (١/ ١٢٦ - ١٢٧).
(٤) في (ب): (فإنَّ).
(٥) في النسختين: (بأمر الدِّين)، والمثبت في الكاشف: (بالأمر الدينُ).
(٦) سورة البقرة: (٢١٥).
(٧) في (ب): (وهذا من الأسلوب).
(٨) هو -كما عرفه السكّاكي- (تلقِّي المخاطَب بغير ما يترقَّب، أو السائل بغير ما يتطلَّب) انظر: مفتاح العلوم (٣٢٧). وكان يسميه الجرجاني بالمغالطة. انظر: دلائل الإعجاز (١٣٨).

<<  <   >  >>