للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بعض أهل البدع, ورسالة: الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم, والتسعينيَّة لشيخ الإسلام ابن تيميَّة (٧٢٨ هـ) وغيرها، ولا يخلو منها كتابٌ من الكتب المؤلفة في المعتقد.
وخلاصة مذهب أهل السنة والجماعة هو ما قاله الإمام أبو جعفر الطحاويُّ الحنفيُّ (٣٢١ هـ): (وإن القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدّقه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمَّه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) ... فلما أوعد الله بسقر لمن قال: (إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) علِمنا وأيقنَّا أنه قول خالق البشر ولا يشبه قول البشر). وأما من قال بالكلام النفسيّ فالرد عليهم من أوجه:
أوّلًا: الأدلَّة المتكاثرة التي يقول الله عز وجل عن نفسه بإثبات القول والكلام، مثل قوله تعالى ... {أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وقال: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} ولا يمكن سماع الكلام النفسيِّ، وكذلك الأدلة الواردة في النداءِ والمناجاة، قال ابن القيم في الكافية الشافية= النونيّة (ص: ٤٦):
إنَّ النِّدا الصَّوتُ الرَّفيعُ وضدُّه ... فهو النجاء, كلاهما صوتان

ثانيًا: أنَّ ما في النفس لا يسمَّى كلامًا لقوله صلى الله عليه وسلم --: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به» وهو في الصحيحين، ففرَّق صلى الله عليه وسلم بين حديث النَّفس وبين الكلام؛ ولذا أجمعوا على بطلان الصلاة بالكلام العمد لغير مصلحة الصلاة، بخلاف حديث النفس في الصلاة، ممَّا يدلُّ أنَّها ليست بكلامٍ.
ثالثًا: إطباق المسلمين كلِّهم عربهِم وعجمِهم على نسبة هذا القرآن إلى الله تعالى، فيقولون: (قال الله تعالى) ولا يقولون ولا مرَّة: قال محمد، وقال جبريل، والصفة إذا قامت بمحلٍّ أضيف إليها، فلو كان القرآن كلامًا لغير الله تعالى أضيف إليه.
رابعًا: تناقضهم واضطرابهم في تعيين قائل هذا القرآن الموجود بين أيدي المسلمين المبدوء بالفاتحة والمختوم بالناس، فمرة قالوا: هو من قول جبريل، وتارة نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وحينًا أضافوه إلى اللوح المحفوظ، وهذا كلُّه مصادم ومخالفٌ لكلام الله تعالى، وقد توعد الله من قال ذلك حين قال: {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦)} نظر: التسعينيَّة لابن تيميَّة (٢/ ٤٣٢).

<<  <   >  >>