للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والبحثِ عمَّا لا يَعنيْ، قال المصطفى: «هلك المتنطِّعون» (١) أي: المتعمِّقون, جمع متنطِّعٍ، وهو المتعمِّق البحَّاث.

وهذا (حديثٌ حسنٌ) بل وصحيحٌ، فقد صحَّحه ابنُ الصَّلاح (٢)، وقول أبي حاتمٍ وأبي زرعة: (روايةُ مكحولٍ لم يسمعْ من أبي ثعلبة) معارَضٌ بقول ابن معينٍ: سمع (٣)، والمثبِت مقدّمٌ على النافي.

(رواه الدارقطنيُّ) (٤) إمامُ العلماء (٥) الحافظُ الجليل (٦) عليُّ بن عمر البغداديُّ (وغيرُه) كأبي نُعيمٍ وغيره (٧).

وهذا أصلٌ عظيمٌ في أصول الدين؛ لأنَّه جمع فيه الدِّين في أربع كلماتٍ، فمن أدَّى الواجبات، وتجنَّب المحرَّمات، ووقف عند الحدود، وترك ما غاب عنه، فقد استوفى أقسام الفضل، وأوفى حقوق الدِّين، وحاز الثواب، وفاز بالنَّجاة من العقاب؛ لأن الشَّريعة لا


(١) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب «هلك المتنطعون» (٢٦٧٠).
(٢) لم أقف على تصحيحه، وهذا الحديث وأمثاله ممَّا صحَّحه ابن الصَّلاح مخالفٌ لما اشتهر عنه من إغلاق باب الاجتهاد في التصحيح والتحسين، ومخالفته لقوله أحسن في الإلزام من تصحيح أقرانه للأحاديث. وانظر: تدريب الراوي (١/ ١٥٨).
(٣) ذكر جمعٌ من أهل العلم أنّ مكحولًا لم يسمع من أبي ثعلبة، منهم أبو مسهرٍ الدمشقيُّ وأبو نعيمٍ الحافظ، وأما قول الشارح رحمه الله: (بأن ابن معين قال: سمع) فلم أقف عليه، ولكن الذي في (جامع التحصيل) للعلائيِّ أن ابن معين قال: (سمع مكحول من واثلة بن الأسقع)، وقال آخرون: بل لم يسمع منه، فلعل الشارح -والله أعلم- ظنّ خلافهم في سماعه من واثلة بن الأسقع أنَّه كان في سماع مكحول من أبي ثعلبة، وقد ذكر العلائيُّ أن مكحولًا روى عن أبي ثعلبة الخشنيِّ، قال: (وهو معاصرٌ له بالسِّن والبلد، فيحتمل أن يكون أرسل كعادته وهو يدلِّس أيضًا). جامع التحصيل (ص: ٢٨٥). تهذيب التهذيب (١٢/ ٤٩).
(٤) سنن الدارقطني (٥/ ٣٢٥).
(٥) في (ب): (إمام العلل).
(٦) في الأصل: (الحبل) , وكأنَّها صحِّفت من الجليل, أو من الجبل.
(٧) حلية الأولياء (٩/ ١٧).

<<  <   >  >>