للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخيرُ، وعُلم مما مرَّ أنَّ محبَّة الله للعبد تحتاج إلى تأويل بخلاف عكسه.

قال الغزاليُّ: (محبة العبد لله حقيقيّة لا مجازيّة؛ لأنَّ المحبَّة في وضع اللسان ميلُ النفس إلى مُلائمٍ مُوافقٍ، والعشق الميل الغالب المغرض (١)، والله محسن جميل، والإحسان والجمال موافق، ومحبة الله للعبد مجازيَّة, (٢) ترجع إلى كشف الحجاب حَتَّى يَراه بقلبِه، وإلى تمكينه إيَّاه من القرب منه) (٣).

وفي شرح المواقف (٤): محبَّتنا له تعالى كيفيّةٌ روحانيّةٌ مرتَّبةٌ على تصوِّر الكمال


(١) في (ب): (المفرط) , ولعله أقرب.
(٢) محبَّة الله للعبد حقيقيَّةٌ لا مجازيَّةٌ, وعلى هذا أجمع أهل السنَّة والجماعة, يقول الإمام ابن عبدالبرِّ -رحمه الله-: (أهل السُّنَّة مجمِعُون على الإقرار بالصِّفات الواردة كلِّها في القرآن والسنة, والإيمان بها, وحملها على الحقيقة لا على المجاز, إلَّا أنَّهم لا يكيِّفون شيئًا من ذلك, ولا يحُدُّون فيه صفةً محصورةً, وأمَّا أهلُ البدع والجهميَّةُ والمعتزلةُ كلُّها والخوارج فكلُّهم ينكرُها, ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة, ويزعمون أنَّ من أقرَّ بها مشبِّهٌ, وهم -عند من أثبتها- نافون للمعبود, والحقُّ فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله). التمهيد (٧/ ١٤٥ (.
(٣) لم أهتد إليه. وعزاه المصنف للغزالي في الفيض القدير (١/ ١٧٧).
(٤) هو كتاب المواقف في علم الكلام لعضد الدين الإيجي (٧٥٦ هـ) ويُعدّ الكتاب ذروةَ ما بلغه علم الكلام عند الأشاعرة، فلم يجارِهِ أشعريٌّ فضلًا أن يزيد عليه، وقد غلبت عليه المادة الفلسفية والمنطقية، وله شهرةٌ كبيرةٌ، انظر: دائرة المعارف الإسلامية (٣/ ١٨٧) ويعدُّ هذا الكتاب مختصرًا لكتاب الآمدي (ت ٦٣١ هـ) المسمى بـ (أبكار الأفكار)، واعتنوا بكتاب المواقف حتى وصلت شروحه أزيدَ من أربعين كتابًا.

<<  <   >  >>