(٢) تقدّم قبل قليلٍ أنَّ مذهب أهل السنَّة المجمع عليه هو إثبات الصفات لله تعالى على حقيقتها, وهنا فسّر المحبة بالإرادة, وهي مستمسك كلِّ المتأولين المانعين من قيام الصفات الفعلية بذات الباري جل جلاله، ثمّ ذكر أن الإرادة متجددة، والله تعالى أزليّ، والناتج أن المتجدّد لا يقوم في الأزلي، وهذا الكلام باطل؛ لأنَّ قدم الإرادة وأزليتها لله تعالى حقّ لا شك فيه، ولكنّ قدمَها لا يدلّ على قدم المُرادات، بل المرادات حادثة، والإرادة أزليَّة تحدث في المستقبل متى أراد الله تعالى كما قال: (إنما أمره إذا أراد شيئًا ... ) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (إنه لم يزل مريدًا بإراداتٍ متعاقبة، فنوع الإرادة قديم، وأما إرادة الشيء المعيَّن فإنما يريده في وقته، وهو سبحانه يقدِّر الأشياء ويكتبها ثم بعد ذلك يخلقها، فهو إذا قدرها علم ما سيفعله وأراد فعله في الوقت المستقبل لكن لم يرد فعله في تلك الحال فإذا جاء وقته أراد فعله فالأول عزم والثاني قصد.) مجموع الفتاوى (١٦/ ٣٠٣). ومسألة تجدُّد بعض الصفات -وهي الصفات الاختيارية الفعلية- من محارات النُظَّار، كما قاله شيخ الإسلام قبل كلامه السابق، وذكر أنه ورد في القرآن أكثر من عشر آياتٍ فيها إثبات تجدُّد علم الباري جلَّ جلاله، مع إثبات علمه السَّابق الأزليِّ. انظر مجموع الفتاوى (١٢/ ٦٦).