للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-لِكونها حجَّةً ضعيفةً لقرْبِها من التُّهمة- في جانبه فتعادَلَا (١)، وعُرِّفَ (المدَّعيْ) دون (المنكِر)؛ لأنَّ المدَّعِيَ: مَنْ يذكُر أمرًا خفيًّا، والمدَّعى عليه: من يذكُر أمرًا ظاهرًا، والموصول أظْهر من المعرَّف؛ لاشتراط كون صلته معهودةً (٢) فأُعطي الخفيُّ للخفيِّ، والظَّاهرُ للظَّاهرِ (٣).

ذكَرَه الشارح الهيثميُّ (٤)، وهو أوضح من قول الطُّوفِيِّ: / [١٢٨/أ] (عرَّفه، لأن فيه نوعَ تعريفٍ معنويٍّ لظهوره بإقدامه على الدَّعوى، وأمَّا (المنكِر) ففيه نوع تنكيرٍ لاستخفائه بتأخُّرِه، فأتى فيه بـ (مَنْ) مِنْ حيث أتى فيها إبْهامٌ وتنكيرٌ مناسبٌ لحالِه، قال: (ويحتمل


(١) ولذا قال ابن القيّم: (الذي جاءت به الشريعة: أنَّ اليمين تشرع من جهة أقوى المتداعيين). أعلام الموقعين (١/ ٢١٣).
(٢) توضيح ذلك: أن (مَن) في قوله: (على من أنْكَرَ) موصوليَّة، ويشترط لاسم الموصول (اسميًّا أو حرفيًّا) أن تكون بعده ما يسمّى بـ (صلة الموصول)، وهي إمّا جملةٌ (كما في هذا الحديث) أو شبهُ جملةٍ نحو: (جاء الذي في الدار أبوه) ويشترط إذا وقعت الصلة جملةً: أن تكون خبريَّةً معهودةً -أي: معروفة- للسامع من قبلُ حتى يتعرَّف بها اسم الموصول، انظر: شرح ابن عقيل (١/ ١٤٧)، دليل السالك (١/ ١٣٢).
(٣) يذكر النُّحاة في باب المعارف: أنَّ أقواها (الضمائر)، ثمَّ (العلم)، ثمَّ اسم (الإشارة)، ثمَّ (الموصولات)، ثمَّ المعرَّف بـ (أل)، ولضبط هذا -مع زيادة نوعين آخرين من المعارف وهما: ما أضيف إلى واحدٍ من الأنواع الخمسة، ونداء النكرة المقصودة- نظم بعضهم -ونُسِبَ إلى جلال الدين صالح البلقيني: -كما في فتح رب البرية على الدرة البهية نظم الأجرومية, للباجوري, (ص ٥٧) -:
إنَّ المعارفَ سبعةٌ فيها سهُلْ ... (أنا) (صالحٌ) (ذا) (ما) (الفتى) (ابني) (يا رجلْ)

فاسم الموصول أعرف من المحلى بأل، لذا استخدم اسم الموصول (الظاهر) مع (المدَّعى عليه) لأنه أقوى، واستعمل المحلّى بأل (الخفيِّ) مع (المدَّعي) لأنه يدَّعي أمرًا خفيًّا، وهذا استنتاجٌ من العلَّامة الهيتمي رحمه الله وقال: (هذا عند التأمّل أوجَه ممَّا ذكره بعض الشرّاح فاعلمه). انظر: الفتح المبين (٥٣١).
(٤) انظر: الفتح المبين (٥٣١).

<<  <   >  >>