للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يجعل هذا السؤال دوريًّا (١) مردودًا؛ لأنَّه لو أتى بغير هذه العبارة لَقِيل: لِمَ لمْ يأتِ بغيرها) (٢).

واستثنى الفقهاءُ من عمومِ كونها على (مَنْ أَنكَرَ): صورًا كثيرةً لِمُدرَكٍ يخصُّها، وقد أورد الشارح الهيتميُّ (٣) هنا فروعًا كثيرةً على مذهب الشَّافعية، والفاكهيُّ (٤) فروعًا كثيرة على مذهب المالكيَّة (٥)، وذلك غيرُ جيِّدٍ، واللَّائقُ بالكُتُب الحديثيَّة: إنَّما هو ذِكْرُ مأخَذ كلٍّ من الأئمَّة المجتهدين على وجهِ الاِختصار، وأما محلُّ بَسطه: فكُتُبُ الفروع.

واعلم أنَّه قام الإجماعُ على استحلاف المدَّعَى عليه في المال (٦)، واختلف في غيره:

فذهب الشافعيُّ (٧) وأحمدُ (٨) إلى وجوبها على كلِّ من ادُّعِيَ عليه في حَدٍّ (٩)، أو طلاقٍ،


(١) قال في المصباح المنير (١/ ٢٠٢): (دارت المسألة أي: كلما تعلقت بمحل توقف ثبوت الحكم على غيره فينقل إليه ثم يتوقف على الأول وهكذا) وقال الزَّبيديُّ في تاج العروس (٣/ ١٧٠): وأنشد بعضهم:
مسألة الدَّور جَرتْ ... بيني وبين من أُحبْلولا مَشِيبيْ ما جَفَا ... لولا جفاه لم أشِبْ
(٢) التعيين (٢٨٥ - ٢٨٦).
(٣) الفتح المبين (٥٣٠ - ٥٣٤).
(٤) هكذا سمَّاه المصنِّف بالفاكهي, ويقال الفاكهاني, وكلُّه نسبةٌ إلى من يبيع الفاكهة, انظر: «لسان العرب» لابن منظورٍ (١٣/ ٥٢٣)، وهو تاج الدين عمر بن عليّ الفاكهاني المالكيّ، أخذ عن ابن دقيقٍ، وبدر الدين ابن جماعة، وأبي الحسن القرافي، وله مؤلفات منها: ، المنهج المبين في شرح الأربعين، ورياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام الذي قال فيه ابن فرحون: (لم يسبق إلى مثله لكثرة فائدته) وتوفي سنة (٧٣١ هـ). انظر: الديباج المذهب لابن فرحون (٢/ ٨١).
(٥) المنهج المبين في شرح الأربعين للفاكهي أو الفاكهاني (٤٨٩).
(٦) انظر: الإجماع لابن المنذر (١٠٢). والمغني لابن قدامة (١٠/ ١٨٨).
(٧) انظر: الأمّ (٦/ ٥١)، ومغني المحتاج (٦/ ٣٦٨).
(٨) انظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل (٣/ ٢٠٦)، والمغني لابن قدامة (١٠/ ٢١١).
(٩) قوله: (في حدٍّ) أي: فيما له تعلّق بحقوق الآدميين، وهي: (اللِّعان، والقسامة، وحدّ القذف) ولا يقصد بها مطلق حدود الله تعالى؛ لأنَّ اليمين لا تشرع في الحدود المطلقة -كالزِّنا- بحالٍ، قال ابن قدامة: (ولا نعلمُ فيها خلافًا، لأنه لو أقرَّ ثم رجع عن إقراره قُبل منه، وخُلِّي من غير يمينٍ، فَلَأَنْ لا يستحلف مع عدم الإقرار أولى، ولأنه يستحبُّ ستره). انظر: مغني ابن قدامة (١٠/ ٢١٣)، وجواهر العقود ومعين القضاة والموقِّعين والشهود للمنهاجي (٢/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>