للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ} (١) ولا يتركه لمداهنةٍ وطلب جاهٍ، / [١٣٠/ب] أو وجاهةٍ، ولا لِصَداقةٍ ومَودَّةٍ؛ لأنَّ صداقته ومودَّته تُوجب له حُرْمَةً وحقًّا، [ومن حقِّه]: (٢) أنْ يَنْصَحَه ويَهْديَهُ إلى مصالح آخرته، ويُنقذه من مَضارِّها، وصديقُ الرَّجُل: من سعى في عِمَارة آخرته، وعدوُّه: مَنْ يَسْعَى في خرابها.

هذا، ولا يُشْترط في المنكِر: كونُه مُطاعًا نافذَ الأمر [كما مَرَّ] (٣)، فإذا لم يمتثل المخاطَب فلا لوم على المنكِر؛ لأنَّه أدَّى ما عليه، {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} (٤) ولا يتجسَّس إلَّا إنْ أخبره ثقةٌ بأنَّ هناك ما لا يجوز فعلُه، كرجلٍ خلَا بامرأة ليزْنيَ بها، فله البحث عنها حَذَرًا من فَوْتِ ما لا يمكنه تداركُهُ.

وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: مِنْ شُعَبِ الإيمان، وبه قِوام الدِّين ومِلاكه، وقد سدَّه الظلمة وأعوانُهم بتغلُّبهِمْ على العلماء وغيرهم حتَّى لا يبقَى للعالم معهم كلمة (٥).

تنبيه: قال الطُّوفي: الناس: إمَّا آمرٌ بمعروفٍ ناهٍ عن المنكَر فهو المؤمن العدْل، أو لا آمرٌ بمعروفٍ ولا ناهٍ عن منكَرٍ، فإن كان مع عدم الحاجة إلى ذلك فهو معذورٌ، وإن كان مع الحاجة إليه: فإن كان بعذرٍ سقط كذلك عنه، أو قام غيرُهُ مُقَامه فلا حرج عليه، وإلَّا فهو آثمٌ فاسقٌ.

أو آمرٌ بالمعروف غير ناهٍ عن المنكر ففي تركه النَّهيَ عن المنكرِ التفصيلُ المذكور.

أو ناهٍ عن المنكر غيرِ آمرٍ بالمعروف فالتفصيل المذكور.

أو آمرٌ بالمنكر ناهٍ عن المعروف فهو منافقٌ؛ لأنَّه تعالى وصف المنافقين بذلك، ثمَّ النفاقُ


(١) آل عمران: (١٠١)
(٢) قوله (ومن حقِّه) ليس في الأصل، والمثبت من نسخة (ب).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) المائدة: (٩٩).
(٥) في (ب): حتى لم يبق لعالم.

<<  <   >  >>