للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليابسَ؛ لأنَّه يفضيْ بصاحبه إلى اغتيابِ المحسُودِ وشَتْمه، وقد يُتْلِفُ مالَه ويسعى في سفك دَمِه، وكلُّها مظالمُ يقتَصُّ منه في الآخرة، ويَذهب في عوضها حسناتُهُ، والله حكيمٌ لا يعْبَثُ, ولا يضعُ الشيء بغير محلِّه، فالحاسدُ كأنَّه نسبَ ربَّهُ إلى الجهل والسفهِ، ولم يَرضَ بقضائه, فليطلبْ ربًّا سِواه.

ويكفي الحاسدَ أنَّه في الدنيا: معاقبٌ بالغيظِ الدَّائم، وفي الآخرة: بإحباط الحسنات، وكفى (١) شاهدًا على قبحِ حاله قولُ المصطفى صلى الله عليه وسلم: «الحسد يُفسِد الإيمان كما يُفسد الصَّبِرُ (٢) العسلَ» (٣).


= ٧٧) قاعدةً نفيسةً حيث قال: (فهؤلاء الحفَّاظ الثقات: إذا انفرد الرجل منهم من التابعين، فحديثه: (صحيح)، وإن كان من الأتباع، قيل: (صحيحٌ، غريبٌ)، وإن كان من أصحاب الأتباع، قيل: (غريبٌ، فردٌ)، ويندر تفردُّهم، فتجد الإمام منهم عنده مئتا ألفِ حديثٍ، لا يكاد ينفرد بحديثين ثلاثة! ومن كان بعدهم: فأين ما ينفرد به؟ ما علمته، وقد يوجد). أضف إلى ذلك أنَّ هناك كتبًا ذكر أهل العلم أنَّه لا تقبل مفاريدها، ومنها تاريخ الخطيب، وقد نظم ذلك العلَّامة عبد الله الشنقيطيُّ العلوي رحمه الله -صاحب مراقي السعود- في طلعة الأنوار مع شرحها هدي الأبرار ص (١٢٦) فقال:
وما نُمِيْ لـ (عَقْ) و (عَدْ) و (خَطْ) و (كِر)

وعق وخط وكر ... و (مسندِ الفِردوسِ) ضِعفُهُ شُهرْ

أي: اشتهر ضعف ما تفردَّت به هذه الكتب من الأحاديث: الكامل لابن عديّ، والضعفاء للعقيلي، وتاريخا الخطيب وابن عساكر، ومسند الفردوس للديلميِّ، وهي قاعدةٌ أغلبيَّة والله أعلم.
(١) في (ب): وكفاك.
(٢) الصَّبِر: بكسر الباء، هذا الدواء المر، وقد تسكَّن، فيقال: الصَّبرُ صبْرٌ, أي: مُرٌّ شديد المروارة, انظر: التلخيص في معرفة أسماء الأشياء لأبي هلالٍ العسكريِّ (ص: ٤٠٩).
(٣) لم أقف على هذا مرفوعًا، وروي موقوفًا من كلام الحسن عنه، أخرجه اللَّالكائيّ في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٦/ ١٠٩٢) من طريق يحيى بن أيّوب، قال: بلغه عن الحسن، من قوله: «الحسد يفسد الإيمان كما يفسد الصَّبِر العسل» وكلمة (الحسد) لم تتبيَّن للمحقِّق؛ لذا أثبت في المتن (الحِدَّة) وقال في الحاشية: (في الأصل غير واضح، ولعلَّها الحسد). وأمَّا من نسب الحديث لكتاب الفردوس للديلميِّ كالسخاويِّ في المقاصد الحسنة (ص ٣٠٥)، والألبانيّ =

<<  <   >  >>