للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال حُجَّةُ الإسلام: كفى بالحسد ذمًّا أنه يفسد الطاعات، ويبعث على الخطيئات، وهو الدَّاءُ العضال الذي ابتلي به كثيرٌ من العلماء, فضلًا عن العامَّة حتى أهلكهم، وحسبُك أنَّه -تعالى- أمر بالِاستعاذة من شرِّ الحاسد كما أمر بها من شرِّ الشيطان، ويكفيك في قبحه: أنَّه أوَّل ذنبٍ عُصِيَ اللهُ به؛ لأنَّ إبليسَ لم يحملْه على ترك السجود إلَّا الحسدُ، كما أنَّ قابيلَ لم يحمله على قتل هابيلَ إلَّا الحسدُ, وأمَّا حديث: / [١٣١/ب] «لا


= في الضعيفة (٨/ ٢١) - فقد دخل عليه -في ظنِّي- حديثٌ في حديثٍ، فحديث الفردوس للديلمي (٢/ ١١٤) من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه، وهو بلفظ: «الغضب يفسد الإيمان ... » وهو أيضًا في فوائد تمَّام (١/ ٢٤٨)، وشعب الإيمان (١٠/ ٥٣١)، ولا يصحُّ؛ ففيه (مُخَيِّس) -بضمِّ الميم، وفتح الخاء، وتشديد الياء، كذا قيَّده الأمير أبو نصر ابن ماكولا في الإكمال في رفع الارتياب (٧/ ١٧٠) وجوَّز كسر الميم وسكون الخاء مع تخفيف الياء- وهو ابن تميم, قال أبو حاتمٍ (٨/ ٤٤٢): (مجهولٌ).

والغريب أنَّ الشارح المناويَّ قال في التيسير بشرح الجامع الصغير (١/ ٥٠٦) عن حديث الحسدِ: (فيه مجهولٌ)، مع أنَّه جزم هنا بنسبته! إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم! ، ولم يكن ينبغي الجزم بنسبته إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر من جملة ما عاب الإمامُ البيهقيُّ الإمامَ أبا محمَّدٍ الجوينيَّ -رحمهما الله تعالى- لمَّا كتب له الرسالة الشهيرة، فكان من كلام البيهقيِّ متحدِّثًا عن كيفيَّة التعامل مع الأحاديث الضعيفة: (فسبيله -أدام الله توفيقه-: يملي في مثل هذه الأحاديث: (رُويَ عن فلان)، ولا يقول: (رَوى فلان)؛ لئلَّا يكون شاهداً على فلان بروايته من غير ثبتٍ، وهو إن فعل ذلك وجد لفعله متَّبعاً؛ فقد: - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ [أي: الحاكم النيسابوريّ] قال: سمعت أبا الوليد الفقيه، يقول: لمَّا سمع أبو عثمان الحِيريُّ من أبي جعفر بن حمدان كتابه (المخرَّج على كتاب مسلم)، كان يديم النظر فيه، فكان إذا جلس للذكر يقول في بعض ما يذكر من الحديث: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول في بعضه: روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فنظرنا، فإذا إنه قد حفظ ما في الكتاب، حتى ميَّز بين صحيح الأخبار وسقيمها)) انظر: رسالة البيهقي للجويني (ص: ٦٧)، وهي في طبقات الشافعيَّة الكبرى للسبكيِّ (٥/ ٧٧) وما بعدها. وانظر: المجموع شرح المهذّب (١/ ٦٣) فقد عاب أيضًا ذلك على الفقهاء.

<<  <   >  >>