الإشبان بعده إلى أن ملك منهم الأندلس خمسة وخمسون ملكاً، ثم دخل عليهم من عجم رومة أمة أخرى تعرف بالشبونقات، وذلك زمان مبعث المسيح عليه السلام، فملكوا الأندلس وإفرنجة معها واتخذوا دار مملكتهم مدينة ماردة واتصلت مملكتهم إلى أن ملك منهم أربعة وعشرون ملكاً، ويقال إن منهم كان ذو القرنين.
ثم دخل على هؤلاء الشبونقات أمة القوط فغلبوا على الأندلس واقتطعوها من يؤمئذٍ عن صاحب رومة وانفردوا بسلطانهم واتخذوا مدينة طليطلة دار سلطانهم؛ ودخشوش ملك القوط هو أول من تنصر من هؤلاء، فدعا الحواريين ودعا قومه إلى النصرانية، وكان أعدل ملوكهم وأحسنهم سيرةً، وهو الذي أصل النصرانية؛ والإنجيلات أو المصاحف الأربعة من انتساخه وجمعه وتثقيفه؛ فتنافست ملوك القوط بالأندلس بعده حتى غلبهم عليها العرب؛ وعدد من ملك منهم إلى آخرهم وهو لذريق ستة وثلاثون ملكاً.
والذريق لم يكن من أبناء الملوك ولا بصحيح النسب في القوط، وإنما نال الملك من طريق الغصب والتسور عندما مات غيطشة الملك وكان أثيراً لديه فاستصغر أولاده واستمال طائفةً من الرجال مالوا إليه فانترع الملك من ولد غيطشة، وغيطشة آخر ملوك القوط بالأندلس، ولى سنة٧٧ من الهجرة فملك خمسة عشرة سنة.
وكانت طليطلة دار المملكة بالأندلس حينئذٍ، وكان بها بيت مغلق متحامى الفتح يلزمه من ثقات القوط قوم قدو كلوا به لئلا يفتح، قد عهد الأول في ذلك إلى الآخر، كلما ملك منهم ملك زاد على البيت قفلاً، فلما ولى لذريق عزم على فتح الباب