(٢) الضمير هنا يحتمل أموراً، وأرجحها عندي أنه عائد على جميع من ذكر في الأبيات السابقة من: أهل البيت، وأزواج النبي، والعشرة المبشرين بالجنة، والسابقين إلى الإسلام من الصحابة الكرام - رضي الله عنهم أجمعين -. (٣) قصد الناظم هنا المبالغة، وجرى على طريقة الشعراء في أنهم يقولون ما لا يفعلون. وكون عظام الميت تتكلم، أو تسلم على أحد يحتاج لدليل، ولعله يقصد لسانه، فإنه لما كان معتاداً لإلقاء السلام على زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو الصحابة - رضي الله عنهم - على حسب مقصوده من الضمير، وكلاهما محتمل، فإنه يجري عليه ما كان يعمل من ذلك بعد موته، وهذا أيضاً يحتاج لدليل مع أن ظاهر عبارته يأباه. وما قاله الناظم هنا شبيه بما قاله توبة بن حمير: ولو أنَّ ليلى الأخيليةَ سَلّمت ... عليَّ ودوني جَنْدلٌ وصفائحُ لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أوزقا ... إليها صدىً من جانبِ القَبر صائحُ قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ١٩٨): [وقال أبو عبيد: أما الهامة فإن العرب كانت تقول إن عظام الميت تصير هامة فتطير. وقال أبو عمرو مثل ذلك، وكانوا يسمون ذلك الطائر الصدى يعني الذي يخرج من هامة البيت إذا بلي]. وقال المعلق على ديوان الحماسة موضحاً معنى قول توبة بن حمير السابق: [وكانت العرب تزعم أن عظام الموتى تصير هاما، وإصداء، ومعنى البيتين: لو أن ليلى الأخيلية سلمت علي وأنا مقبور، وفوقي تراب، وحجارة لأجبتها مسلما تسليم بشاشة، أو أجابها بدلا مني صوت عظامي من جانب القبر]. ونحو ما قاله توبة قال صفي الدين الحلي: وَهَيفاءُ لَو أَهدَت إِلى المَيِّتِ نَشرَها ... لَأُنشِرَ مَن ضُمَّت عَلَيهِ الصَفائِحُ وَلَو أَنَّها نادَت عِظامي أَجابَها ... فَمي لا صَدىً مِن جانِبِ القَبرِ صائِحُ