للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . ... يَحِيرُ ذَوُو الْأَلْبَابِ فِيهَا وَذُو الْحِجْرِ (١)

٩٩ - لَقَدْ أَطْعَمَ الْجَيْشَ الْكَبِيَر جَمِيعَهُ ... وَأَفْضَلَ مِنْ زَادٍ لِبَعْضِهِمُ نَزْرُ (٢)


(١) أي العقل واللب، والحلم، والستر. وأصل الحجر المنع من التصرف. والضم والكسر فيه لغتان، قال الزبيدي في تاج العروس مادة (ح ج ر): [الحجْرُ مُثَلَّثَةً: المَنْعُ مِن التَّصَرُّفِ. وحَجَرَ عليه القاضِي يَحْجُرُ حَجْراً إِذا مَنَعَه مِن التَّصَرُّفِ في مالِه وفي حديث عائشةَ وابنِ الزُّبَيْرِ: لقد هَمَمْتُ أَن أَحْجُر عليها " أَي أَمنَعَ قال ابن الأَثِير: ومنه حَجْرُ القاضِي على الصَّغِيرِ والسَّفِيهِ إِذا مَنَعَهُما من التصرُّفِ في مالهما والضَّمَّةُ والكسرةُ فيه لُغَتَانِ كالحُجْرانِ بالضمِّ والكسرِ. قال ابن سِيدَه: حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً وحُجْراناً وحِجْراناً. مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه لا مَنْعَ ولا دَفْعَ.].
وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}: [{لِذِي حِجْرٍ} أي: عقل، ولب ... قال الحسن: {لِذِي حِجْرٍ} أي: لذي حلم، وقال أبو مالك: لذي ستر من الناس، وقال الجمهور: الحجر العقل، قال الفراء: الكل يرجع إلى معنى واحد، لذي عقل، ولذي حلم، ولذي ستر، الكل بمعنى العقل، وأصل الحجر: المنع، يقال لمن ملك نفسه، ومنعها: إنه لذو حجر، ومنه سمي الحجر، لامتناعه بصلابته، ومنه حجر الحاكم على فلان: أي منعه، قال والعرب تقول: إنه لذو حجر: إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها.].
(٢) بدأ الناظم هنا بنشر ما لفه في البيت السابق، والنزر هو الشيء القليل التافه، ولعلها صفة للطعام قبل أن يحل فيه بركة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون المعنى أنه - صلى الله عليه وسلم -، أطعم الجيش الكبير من الطعام القليل، وأفضل لبعضهم منه أيضاً، وقد يكون المعنى أنه فضل من هذا الطعام شيئاً قليلاً بعد أن أطعم الجيش منه، والأول أولى.
والناظم في هذا البيت يشير إلى ما رواه البخاري (٤/ ١٥٠٥) (٣٨٧٥) من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: [قال إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: (أنا نازل)، ثم قام، وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم- المعول فضرب الكدية، فعاد كثيبا أهيل، أو أهيم، فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي رأيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير، وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت تنضج، فقلت: طعم لي، فقم أنت يا رسول، ورجل، أو رجلان. قال: (كم هو). فذكرت له قال: (كثير طيب، قال: قل لها لا تنزع البرمة، ولا الخبز من التنور حتى آتي، فقال: قوموا). فقام المهاجرون، والأنصار فلما دخل على امرأته قال: ويحك جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمهاجرين، والأنصار، ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. فقال: (ادخلوا ولا تضاغطوا). فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة، والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز، ويغرف حتى شبعوا، وبقي بقية، قال: (كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة)].

<<  <   >  >>