كان منه في أخذ الفداء، لأن الناسَ في أخذِه الفداءَ وقَتلِ من قُتل، ومَنِّه على
من أُطلق على أقاويل.
فمنهم من يقولُ كان قد نُص له عليه السلام على التخيير بينَ القتل أو
المنِّ أو أخذِ الفداء، والقائلون بهذا لا يُسَوَّغ لهم القولُ بأنه لم يكن له أخذُ
الفداءِ مع نصِّه له عليه ومنهم من يقولُ لم يكن عنده نصٌ في ذلك وإنَّما فعلَه
باجتهادِه وعضَّده مشورةُ أبي بكرٍ ومن كان على مثلِ رأيه في المن وأخذِ
الفداء وهؤلاء على قسمين.
فمنهم من يقولُ إن الرسولَ لا يجوزُ عليه الخطأ في الاجتهاد، فكيف لا
يكون له فعلُ ما أدَّاه إليه الاجتهاد، وهو فرضُه وصواب مقطوع عليه إذا
فعله، ومنهم من يقولُ يجوزُ على النبى - صلى الله عليه وسلم - الخطأ في الاجتهادِ غيرَ أنّ المأثمَ عنه في ذلك موضوع، وفرضُه الحكمَ بما أدَّاه إليه الاجتهاد.
ولا يجوز لقائل هذا أن يقولَ: إن لم يكن للنبي عليه السلام أخذُ الفداء ممن
رأى أخذه منه، جمع قوله: إن ذلك فرضُه عليه السلام إذا رآه، وكان جُهد ما عندَه لأن ذلك تناقضٌ من القول لا شبهةَ فيه على أحد، فعُلِمَ أنه لا عتبَ
على النبى عليه السلام في ذلك إن كان منصوصا له على جواز ما فعلَه
والتخييرَ له بينَه وبينَ غيرِه، أو كان ذلك بقياسه وجُهد رأيِه وإذا كان ذلك
علِمَ أنه ليس التأويلُ في الآية علي ما توهموه.
وقد زعم قوم من ضعفةِ المفسّرين ومن الفقهاء والمتكلمين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنّما عوتبَ لأنه أخذ الفداء من غير تقدُّمٍ من الله عزَ وجل إليه في ذلك ولا أذنَ له فيه، لا من جهة نص له على التخيير في ذلك، ولا من جهة الاجتهاد المؤدِّي إلى أن الواجبَ في الحكم أخذُه، وإذا كان ذلك أنظرَ للأمة وأبصرَ للدِّين، وهذا القولُ خطأٌ من قائله، لأنه غايةُ الطعنِ على