للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس يجبُ إذا اختلفَ العلماءُ في ذلك وخيَّروا فيه، إذا استوت عندهم

التأويلات، وخُيرت العامةُ في استفتاء من شاؤوا منهم أن يكونَ ذلك مصيّرا

لكتابه مختلفا، كما أنَّه لا يجبُ إذا خُير العلماءُ والعامة في الكفاراتِ الثلاثة

أن يصيرَ حكمُه مختلفا، فإذا كان ذلك كذلك ثبتَ أن التأويل في نفي

الاختلاف ما قلناه دونَ ما ظنوه.

وقد يمكنُ أيضا أن يكون تعالى عنى بقوله: (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) عاريا من دليلِ قائمٍ على صحيحِ ما اختُلفَ فيه من فاسده، حتى

يصيرَ لِعُروِّه من ذلك مُشكلاَ مُلبسا لا سبيلَ إلى معرفة المراد بتأويله والقصد

به، ولم يُردْ نفيَ الاختلافِ الذي قامَ الدليلُ على صحّة صحيحه وبطلانِ

فاسده، فإذا كان ذلك كذلك زال ما تعلقوا به.

فأمَّا قوله تعالى: (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) ، (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ) ، وقوله: (قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (١٦) .

فإننا قد أبنَّا الجواب عنه والمراد به فيما سلف بما يغني عن رده.

فأمَّا قوله تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ) ، مع قوله: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) ، والخطابُ له عند كافة أهل التأويل، والمرادُ به أمته، وهذا مما يسوغُ ويجوزُ في اللغة، ومثله قوله: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ، الخطاب له والمقصودُ به غيره، على أنه قد يجوزُ أن يقولَ القائلُ لغيره في الأمر الذي يعلمَ أنه يحقه ويعرفه

<<  <  ج: ص:  >  >>