للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غمامةٍ أنه لامع في غمامةٍ تبكي أيضا شَجْوهُ ولم يحتج أن يقولَ الريحُ تبكي

شَجوهُ والبرقُ يلمعُ في غمامه، وإذا كان ذلك كذلك بطلت هذه الشبهة.

وصحَّ أن التأويلَ على ما وصفناه.

وقد اختلف الناسُ في معنى وصفِ الخطاب بأنه متشابة ومحكم، فأمَّا

معنى وصفِه بأنه محكم فإنه منصرف إلى معنين:

أحدهما أن يكون ظاهراً مبيّنا عن المراد بنفسه وظاهره، نحو قوله:

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) ، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ) ، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ) ، (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) ، ونحو ذلك.

وقد يوصفُ أنّه محكم على معنى إحكامِ النظم والتأليف، وتضمنه

للمعنى الصحيح من غير اختلافٍ ولا تناقضٍ ولا غيره من معنىً يصح أن

يقصدَ بالخطاب إليه، وكذلك صارَ غريبُ حديث رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، ومشكلُ كلامهم وكلامِ البلغاء من الشعراءِ والخطباء والمترسلينَ محكما، وإن كان غامضا يحتاجُ إلى تفسيير وتأويل.

فأمَّا معنى وصف الخطاب بأنّه متشابه، فقد اختلف فيه، فقال قائلون:

المتشابه هو المنسوخُ من الآية، وأن المحكم هو الناسخ، وقال آخرون:

المتشابه هو مثلُ قوله: (الم، الر، كهيعص، طسم، حم، عسق)

ونحو ذلك من الحروف المقطعة في أوائل السور، وما عدا ذلك فهو محكم

بأسره.

وقال قائلون: المحكمُ الذي يعرف المرادُ به من نفس ظاهره من غير

تأويلٍ ولا نظرٍ واجتهادٍ وردٍ له إلى غيره، والمتشابه: ما كان المرادُ به في

تأويله دون لفظه، والمحكمُ تأويلُه هو تنزيله من غير صرفٍ له عن ظاهره

وتطلب لمعناه، وقال آخرون: المتشابه ما اشتبهَ لفظهُ واختلف معناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>