للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم خرجَ من ذلك إلى تنبيههم على آثار قدرته وشواهدِ ربوبيته، وحذرهم عقابه، ثم عادَ بأحسنِ الرجوع والنظمِ إلى إخبار رسوله بخوافي قوم إبراهيم، وكل هذا اقتدارٌ على النظم لا خفاءَ به، ومما يتعذرُ على أكثر أهل العلم والخطابة والنثرِ ولا يسهلُ ولا يتأتى إلا للقليل منهم، فمن توهم إفسادَ الكلام به وإخراجه عن طريقة البلاغة وعادة أهل اللغة، فقد ظنَّ عجزا وتقصيرا.

وكذلك الجوابُ عن كل ما خرج اللهُ تعالى في قصة من حكايتها وذكرِها.

إلى شيءِ غيرها، ثم عاد إلى تمامِها واستيعابها، ولا تعلُّق لهم بهذا ونحوه -

قالوا: وما يدلُّ أيضا على فساد كثيرِ من المودع بينَ الدفتين وتغييره

وخروجه عن سنن الحكمة وجودنا فيه ما لا فائدةَ ولا غرضَ في ذكره ولا

معنىَ له معقولٌ يجري إلى إفادته نحو قوله: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) ، وما لهذا الكلام والمثل معنىَ

يعرف، ونحو قوله: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) .

وقوله: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ) ، ولا فائدةَ تعرفُ في الإخبار عن تزاورِ الشمس عن

كهفهم ذاتَ اليمين وانقراضِها ذاتَ الشمال، وأمثال هذا ما يطولُ تتبعه.

وقسَمُه بالتين والزيتون، وبمواقع النجوم وبالنفس وما سواها وبالفجر.

وغير ذلك مما لا معنى للقسم به.

فيقال لهم: ليس شيء مما تتعلقون به وتظنون أنه لا فائدة فيه إلا وفيه

من الفوائد وضروبِ الحكمة ما يُبطلُ تؤهمكم.

فأمَّا قوله: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) ، فإن اللهَ سبحانه ضربَ بذلك مثلا للكافر الذي لا يرجعُ ويَرْعوي

وينزجرُ إن وُعظ ودُعي إلى طاعة الله، وذكر بآلائه ونعمه، وإن تُركَ ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>