للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أبَوْهُ قالوا: يجبُ أن لا يخفى نزولُ السورة على من حفظها منهم

ومن لم يحفظها، قيل لهم: وكذلك لا يجوز أن تخفى عليهم آيةٌ منه إذا

سقطت لأجل ذهاب حُفّاظها، لظهور أمرها وعلمهم بنزولها، وأمر الرسول

لهم بإثباتها.

فإن قالوا: نزولُ السورة أظهرُ فيهم وأشهرُ من نزول آيةٍ مضافةٍ إلى

سورة.

قيل لهم: ما الفصلُ بينكم وبين من قال: بل نزولُ الآية والآيتين

المضافة إلى سورةٍ من سور القرآن، فقد كانوا عَرَفوا نزولَها من قبل، وأنّ

تلك الآيةَ لم تكن فيها، ولا مضافةً إليها، أشهرُ وأظهرُ فيهم من نزول سورةِ

بكمالها، لم يتقدم علمهم بها وتحفُّظهم لها لأجل أنّ ما تقدّمَ نزولُهُ وحُفظَ

عارياً مجرَّدا مما أضيف إليه يجب في العادة أن لا يخفى ألبتَّة نزولُ ما نزل

بعدَه وأضيف إليه، لأنَّ الناس يعمدون أبداً لحفظ ما نزل وتجدَّد وأُضيفَ

إلى ما سلف، وإلى ذكر سبب نزوله وقصّته وفيمن نزل ولأجل ماذا أُلحِقَ

بتلك السورة، وبنقل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس أن يضعوها في

السورة المعيَّنةِ دون ما قبلها وبعدها، وكلُّ هذا يوجبه أن يكون نزولُ الآياتِ

الزوائد المضافة إلى السُّور أشهر من نزول سورةٍ كاملةٍ، فإن لم يكن الأمرُ

فيها كذلك فلا أقلَّ من أن يكون في الشهرة كهيَ، وإذا كان ذلك كذلك صحَّ بجميع ما وصفناه أنّه لا يجوز أن يكون قد سقطَ وذهبَ على الأمّة شيءٌ من كتاب الله تعالى، وأن يكون الذي بين اللوحتين هو جميع ما أنزل الله

تعالى، وبقي رسمُه وأمر بحفظه وإثباته، والعمل به والرجوع إليه، وأنّ من

اذَعى ذهابَ شيءٍ منه لبعض الوجوه والأسبابِ التي قدَّمنا ذكرها فقد قال

باطلاً وجَهِلَ جَهْلاً عظيماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>