للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم فلم يخبروه بشيء من علمهم به وكان ذلك في يوم ولادته ثم توالت على نمرود الهواتف ونطقت الوحوش والطيور بمثل ذلك فكان نمرود لا يمر بمكان إلا ويسمع قائلًا يقول تعس من كفر بإله إبراهيم، قال: ثم إن نمرود رأى رؤية أخرى هالته وذلك أنه رأى القمر طلع في ظهر آزر وبقي نوره كالعمود الممدود بين السماء والأرض وسمع قائلًا يقول: جاء الحق وزهق الباطل ونظر إلى الأصنام وهي منكسة على كراسيها فاستيقظ فزعا مرعوبًا وقص رؤياه على آزر فخاف آزر على نفسه منه، وقال إنما: ذلك لكثرة عبادتي لهن، قال: وكان النمرود بليدًا جبانًا فرضي بقول آزر وسكت ثم بدا له الدخول إلى البلدة فلما حل بها دخل آزر على الأصنام وكان هو القيم لها فلما وقع نظره عليها تساقطت عن كراسيها فسجد آزر حين رأى ذلك فأنطقها اللَّه تعالى وقالت: يا آزر جاء الحق وزهق الباطل ووافى نمرود ما كان يحذره، فدخل آزر بيته وكان قد توهم في زوجته أنها حامل؛ فلما رآها وهي نشيطة سألها عن حالها فقالت: إن الذي كان ببطنى لم يكن ولدًا وإنما كان ريحًا وقد انصرف عنى فصدقها على ذلك، قال: وألقى اللَّه تعالى النسيان على نمرود لأمر إبراهيم فكانت أمه تتوجه إلى الغار قال: فتوجهت إليه مرة فرأت الوحوش والطيور على باب المغارة فخافت واضطربت وظنت أن ولدها قد هلك فلما دخلت عليه وجدته بنعمة وعافية على فراش من السندس وهو مدهون ومكحول فلما رأت ذلك منه ازدادت تعظيمًا له وعلمت أن له شأنًا عظيمًا وأن له ربًا يتولاه ووجدته من أصابعه الإبهام والسبابة فيشرب من واحد لبنًا ومن الآخر عسلًا قالت: وكان يشب شبًا لا يشبه الظمآن، يومه كالشهر وشهره كالسنة ولم يمكث في الغار إلا خمسة عشر شهرًا وتكلم، وقيل أكثر فقال لأمه يومًا: من ربي؟ قالت: أنا، قال: فمن ربك؟ قالت: أبوك، قال: فمن رب أبي؟ قالت: نمرود. قال: فمن رب نمرود؟ قالت له: اسكت

<<  <  ج: ص:  >  >>