كلاهما عن حماد بن سلمة به ولفظه مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره، وهذه الرواية ظاهرة في حياة موسى عليه السلام في قبره، ويدل عليه أيضا حديث المعراج المتقدم وترديده النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أمر الصلوات، وقد تقدم أن الإسراء كان بجسده -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: استب رجل من المسلمين، ورجل من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- على العالمين في قسم يقسم به، فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم عند ذلك يده ولطم اليهودي، فذهب اليهودي إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخبره الذي كان من أمره وأمر المسلم، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تخيروني فإن الناس يصعقون
فأكون أول من يصعق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي؟ أم كان ممن استثنى اللَّه عز وجل" وفي لفظ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"الناس يصعقون يوم القلب من فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي؟ أم جزي بصعقته"، وفي رواية بصعقة الطور، فإذا الحديث دليل ظاهر قوي في حياة موسى عليه السلام، وحياة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحياة غيرهما من الأنبياء صلوات اللَّه عليهم، ووجه ذلك أن وفاة موسى عليه السلام من المعلوم قطعا، وإذا كان كذلك فالصعق عند النفخ في الصور إنما يكون لمن هو حي في الدنيا، فأما من مات قبل ذلك فلا يصعق لأن تحصيل الحاصل محال وإنما يصح ذلك في حق موسى عليه السلام إذا كان حيا فيتحصل من ذلك أنه حي كالشهداء بل أفضل وأولى بهذه الكرامة، وينضم إلى ذلك رؤية نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- له قائمًا يصلي في قبره واجتماعه به ليلة الإسراء في السموات العلا وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه حرم على الأرض أن تأكل