كثبٍ وقُربٍ كثيرًا من أحواله وكريم أقواله وفعاله، التي كانت للعلم مدرسةً تطبيقيةً؛ قائمةً بكفايته وحقِّه.
فأحببتُ أن أشارك إخواني طلبة العلم بشيءٍ من خبرِ مجالسِهِ العلمية، عسى أن يشفي غلَّتهم ويروي بعضَ ظمئهم إليه بعضٌ مما يقرأونه في كتابي:"المجالس"؛ هذا الَّذي سيملأ بلبناته قدرًا من الفراغات التاريخية من سيرة حياة شيخنا -رحمه اللهُ- ويُظهر بعض الحلقات المفقودة من معالم عصره المتوفِّر على أهل العلم، خاصةً لإخواني الناشئين في محاظر الطلب؛ أحداثِ السِّن ممن فاتهم الاتصال العلمي المباشر بشيخنا، عليه رحمة اللَّه؛ أسجِّل فيه علاقتي به، والكيفية التي كانت عليها، وحقيقة القرابة الرابطة بيننا، وصورًا من أفعاله النبيلة وآثار نفسه السَّخية، وإشاراتٍ إلى بصيرته النافذة وعقله الرجَّاح، ودلائلَ على بذخه العلمي وسعة حفظه، كما أسجِّل بعضًا من مجالسه العلمية المتناولة لمزيجٍ متنوِّع من مسائل الاعتقاد، والتفسير، والتاريخ، والفقه، والأدب مما علِقَ بذاكرتي بعدما تطاول عليه العمر، وكان لابدَّ من جمعه وتدوينه خشية عليه من أنْ يطويه النسيان أو يغرقه الضياع.
والمرء مهما حفظ ونسي، فإنه لا ينسى أيام حياته الجميلة، التي قُضيت في تعلُّم العلم وطَلَبه، والرحلة إليه ومجالسة أهله ونُخَبه،