للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللعلماء عن هذا أجوبة معروفة؛ منها: أنَّه قدَّم الظالم لئلا يقنط، وأخَّرَ السابق بالخيرات لئلا يعجب بأعماله فيحبط.

وقال بعض العلماء: أكثر أهل الجنة الظالمون لأنفسهم فبدأ بهم نظرًا لأكثريَّتهم؛ ومما يدل على أفضلية أمة مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - على بني إسرائيل أنَّ الابتلاء الذي يظهر به الفضل وعدمه إنَّما يكون بخوفٍ أو طمع، وقد ابتلى أصحابَ مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - بخوف وابتلاهم بطمع، وابتلى بني إسرائيل بخوف وابتلاهم بطمع.

أما الخوف الذي ابتلى به الله أصحاب مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - فهو أنَّهم لمَّا غزوا غزاة بدر، وساحَلَ أبو سفيان بالعير واستنفر لهم النفير، وجاءهم الخبر بأنَّ العير سلمت، وأنَّ الجيش أقبل إليهم، وأخبرهم النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بذلك قال له المقداد بن عمرو - رضي الله عنه -: واللهِ لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا مَن دونَه معك، ولو خُضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: ٢٤] , بل إنَّا معك مقاتلون، ولمَّا أعاد الكلام قال له سعد بن معاذ - رضي الله عنه -: كأنك تعنينا معاشر الْأَنصار؟ لأنَّهم اشترطوا عليه ليلة العقبة أنْ يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم بشرط أنْ يكون بداخل المدينة ولم يشترط عليهم خارج المدينة، فأخبره

<<  <   >  >>