وإذًا، فهناك فِعلًا حاجةٌ إلى تحليلٍ وتعليلٍ كثيرَيْنِ؛ لأن العطف يقتضي المغايرة كما يقوله فطاحلة اللغة العربية، وهم الذين نعتمد عليهم، وليس الأستاذ أحمد جمال في وضع ينازعُ هؤلاء مكانتَهم بغيرِ دليل من قرآن أو سنَّة أو لغة، أو ينسف ما ذهبوا إليه من غير حجَّة.
إنَّ الأستاذ أحمد جمال فيما ذهب إليه كان يحاول الردَّ على شيخنا في كتابه دفع إيهام الاضطراب، في محاولة الشَّيخ الجمع بين قوله تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} إلى قوله: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[التوبة: ٣٠ - ٣١]، وبين ما جاء في آيات أُخَر مِمَّا يوهمُ أنَّ أهل الكتاب ليسوا مشركين، مثل قوله تعالى:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}[البينة: ١]، وأمثالها من الآيات مما جاء فيه لفظ المشركين معطوفًا على أهل الكتاب.
قال شيخُنا في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، صفحة ١٢٨: "والذي يظهر لمقيِّدهِ -عفا اللَّه عنه- أنَّ وجه الجمع بين الآيات أنَّ الشركَ الأكبر المقتضي للخروج عن الملة أنواع، وأنَّ أهل الكتاب متَّصفون ببعضها، وغير متَّصفين ببعض آخر منها.