للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابٌ

٩٤ - حدَّثنا العباسُ بنُ الفَضْلِ الأسفاطيُّ، ثنا عيسى بنُ إبراهيمَ البِرَكِيُّ، ثنا أبو أُميةَ بنُ يَعْلى الثَّقفيُّ، ثنا عيسى بنُ أبي عيسى الحَنَّاطُ، عن الشعبيِّ ومجاهدٍ؛ قالا: قدم علينا النعمانُ بنُ بَشيرٍ، فخَطَبَنا، فقال في خُطْبتِه: خَطَبَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في مسجدِ الخَيْفِ، فقال: «نَضَّر اللهُ وَجْهَ عَبْدٍ سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَمَلَهَا، رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ. ثَلاثٌ لا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ (١) : إِخْلَاصُ الْعَمَلِ للهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الأَمْرِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ ⦗٩٢⦘ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ (٢) » .


[٩٤] أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (١١) من طريق أبي أمية، عن عيسى، عن الشعبي وحده، عن النعمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (١/٩٧) ، والمصنف في "الكبير" (٢/ رقم ١٢٢٤) ، وابن عدي (٦/٢٥٣) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (٢/٢٩٩-٣٠٠) ، وابن عساكر (١٠/٢٨٣) ؛ من طريق محمد بن كثير القرشي، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «رحم الله عبدًا ... » .
(١) قوله: «لا يغل عليهن قلب مؤمن» ، قال أبو عبيدٍ: يُروى «لا يَغِلُّ» و «لا يُغِلُّ» ؛ فمن قال: «يَغِلُّ» بالفتح، فإنه يجعله من الغِلِّ، وهو الحقدُ والضِّغنُ والشَّحناءُ، ومن قال: «يُغِلُّ» بضم الياءِ، جعله من الخيانة؛ من الإغلالِ. اهـ. وقال الخطابيُّ: أما وجه الكلام وإعرابُه فعلى ما ذكره أبو عبيد. وأما تأويلُه ومعناه: فإنه يريد- والله أعلم- أن هذه الخلالَ الثلاثَ مما لا يُخالِجُ القلبَ رَيبٌ أنهن بِرٌّ وطاعةٌ؛ لأنها من المعروف الذي تعرفه النفوسُ وتسكن إليه القلوبُ.... وفيه وجه آخر؛ وهو أن يكون أراد: أن القلب يُستصلح بهذه الخصال ويُعالج نَغَلُه وفسادُه بها، وأنّ من تمسَّك بها لم يَجد غِلاًّ في قلبه على أحد. يَحُضُّ على لُزومها والمحافظةِ عليها. وكان أبو أسامة حمادُ بن أسامة القرشيُّ يرويه: «لا يَغِلُ» بالتخفيف؛ هكذا حدَّثونا ⦗٩٢⦘ عن موسى بن إسحاق الأنصاريّ، عن أبي كريب، عن أبي أسامة، فإن كان محفوظًا فوجهُه أن يكونَ مأخوذًا من الوُغولِ؛ وهو الدُّخول في الشرِّ، وقلما يقالُ الوُغولُ في الخير. اهـ.
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/٢٥٢- ٢٥٣) ، و"غريب الحديث" للخطابي (١/٥٨٥- ٥٨٦) ، و"مشارق الأنوار" (٢/١٣٤) ، و"النهاية" (٣/٣٨٠- ٣٨١) .
(٢) قوله: «فإن دعوتهم تحيط من ورائهم» : أحاط القومُ بالبلد: أَحْدقوا به من كلِّ جوانبِه. قال ابن عبد البر في "التمهيد": «وأما قوله: «فإن دعوتهم تحيط من ورائهم» أو «هي من ورائهم محيطةٌ» ، فمعناه عند أهل العلم: أنَّ أهلَ الجماعة في مصرٍ من أمصار المسلمين، إذا مات إمامُهم ولم يكن لهم إمامٌ، فأقام أهلُ ذلك المصر- الذي هو حَضْرةُ الإمامِ وموضعُه- إمامًا لأنفسهم اجتمعوا عليه ورَضُوه: فإنَّ كلَّ مَنْ خَلْفَهم وأَمامَهم من المسلمين في الآفاق، يَلزمُهم الدخولُ في طاعةِ ذلك الإمامِ ... » . اهـ.
وذَكر نحوه ابنُ القيم في "مفتاح دار السعادة". وقال ابنُ الأثير في "النهاية": «أي: تحوطهم وتكنفهم وتحفظهم؛ يريد أهلَ السنةِ دون أهل البدعة، والدعوة: المرةُ الواحدةُ من الدعاءِ» . اهـ.
انظر: "التمهيد" (٢١/٢٧٧- ٢٧٨) ، و"مفتاح دار السعادة" (١/٧٣) ، و"النهاية" (١/١٢٢) ، و"مرقاة المفاتيح" (١/٤٤٢) .

<<  <   >  >>