للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ صدقةَ، ثنا إبراهيمُ بنُ بِسْطامٍ الزعفرانيُّ، ثنا مُؤمَّلُ بنُ إسماعيلَ (ح) .

وحدَّثنا محمدُ بنُ عليِّ بنِ حبيبٍ الطَّرائفيُّ الرَّقِّيُّ، ثنا أيوبُ بنُ محمدٍ الوَزَّانُ، ثنا يحيى بنُ السَّكَنِ؛ قالا: ثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن سِماكِ بنِ حربٍ، عن النعمانِ بنِ بَشيرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «انْطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَرْتَادُونَ لأَهْلِيهِمْ (١) ، فَأَصَابَهُمُ السَّمَاءُ (٢) ، فَلَجَؤوا إِلَى غَارٍ، ⦗١٢١⦘ فَوَقَعَ عَلَيْهِمْ حَجَرٌ مُتَحَامِلٌ (٣) حَتَّى مَا يَرَوْنَ مِنْهُ خَصَاصًا (٤) ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ وَقَعَ الْحَجَرُ، وَعَفَا الأَثَرُ، وَلَا يَعْلَمُ بِمَكَانِكُمْ هَهُنَا إِلَاّ اللهُ، فَلْيَدْعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِأَحسَنِ عَمَلِهِ؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ (٥) أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ، فَكُنْتُ أَحْلُبُ لَهُمَا فِي إِنَائِهِمَا ثُمَّ ⦗١٢٢⦘ آتِيهِمَا، فَإِذَا وَجَدتُّهُمَا رَاقِدَيْنِ، فَرِقْتُ (٦) أَنْ أُوقِظَهُمَا فَيَكْثُرَ وَسَنُهُمَا (٧) فِي رُؤُوسِهِمَا، وَصِبْيَانِي يَقُولُونَ: اسْقِنَا اسْقِنَا. فَلَا أَزَالُ قَائِمًا حَتَّى يَسْتَيْقِظَا. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا. فَزَالَ الْحَجَرُ. وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبِي تَرَكَ مَالاً، وَأَنَّ أَخِي ... » ، فذكر الحديثَ بطولِه.


[١٤٦] أخرجه المصنف في "الدعاء" (١٩١) بالإسناد الأول. وأخرجه البزار (٣٢٨٩) ، وأبو عوانة (٥٥٧٥) ؛ من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢٠٣٠) من طريق أيوب الوزان، به.
(١) ارتاد لأهله المنزلَ والكلأ، ورادهم إياه: طلبه لهم. انظر: "تاج العروس" (٤/٤٦٦/ رود) .
(٢) السماء هنا: المطر. وانظر "المصباح المنير" (ص١٥١/ سمو) . ⦗١٢١⦘
(٣) قوله: «متحامل» كذا في الأصل، ومعناه: مائل عليهم حتى سدَّ باب الغار. قال في "تاج العروس" (١٤/١٧٥/حمل) : «وتحامل عليه: مال» . ووقع في بعض ألفاظ الحديث- عن غير النعمان-: «متجافٍ» ؛ منها عند أحمد (١٢٤٥٤) عن أنسٍ، قال السندي: «متجافٍ، أي: منفصل عن مكانه، أو غليظ عظيم سدّ فم الغار» . اهـ.
(٤) في الأصل: «حصاصا» بالمهملة، وكأن في الحرف الأول منها تصويبًا. وعند المصنف في "الدعاء" (١٩٢) وأحمد (رقم ١٢٤٥٤) - لكنْ كلاهما من حديث أنسٍ-: «خصاصة» . والخَصاص والخَصاصة والخَصاصاءُ: الخلل [أي: الفُتْحة] في الثغر، أو كلُّ فَرْقٍ في بابٍ ومُنْخُلٍ وبُرْقُعٍ ونحوِه. والجمع: خَصاصات. انظر: "تاج العروس" (٩/٢٧٠/خصص) .
(٥) قوله: «اللهم إن كنت تعلم» وقع نحوه عند البخاري (٣٤٦٥) من حديث ابن عمر، قال الحافظ في "الفتح" (٦/٥٠٧) : «فيه إشكالٌ؛ لأن المؤمن يعلم قطعًا أن الله يعلم ذلك. وأجيب: بأنه تَرَدَّد في عمله ذلك هل له اعتبار عند الله أم لا، وكأنه قال: إن كان عملي ذلك مقبولاً فأجب دعائي ... ثم ذكرالحافظ في (٦/٥١٠) عن المحب الطبري أنه قال في حديث الغار هذا: «إنهم لم يستشفعوا بأعمالهم، وإنما سألوا الله إن كانت أعمالهم خالصةً وقُبلت أن يجعل جزاءها الفرجَ عنهم» . وعن السبكي الكبير قوله: «فلم يعتقد أحد منهم في عمله الإخلاص، بل أحال أمره إلى الله، فإذا لم يجزموا بالإخلاص فيه مع كونه أحسن أعمالهم فغيره أولى؛ فيستفاد منه: أن الذي يصلح في مثل هذا أن يعتقد الشخص تقصيره في نفسه ويسيء الظن بها، ويبحث على كل واحد من عمله يظن أنه أخلص فيه، فيفوض أمره إلى الله، ويعلق الدعاء على علم الله به؛ فحينئذ يكون- إذا دعا- راجيًا للإجابة خائفًا من الرد، فإن لم يغلب على ظنه إخلاصه ولو في عمل واحد، فليقف عند حده ويستحْيِ أن يسأل بعمل ليس بخالص، قال: وإنما قالوا: «ادعوا الله بصالح أعمالكم» ⦗١٢٢⦘ في أول الأمر، ثم عند الدعاء لم يطلقوا ذلك ولا قال واحد منهم: أدعوك بعملي، وإنما قال: إن كنت تعلم، ثم ذكر عمله» .
(٦) فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقًا: خاف. "المصباح المنير" (ص٢٤٤/ فرق) .
(٧) الوَسَنُ: شدة النوم، أو أوَّله، أو النعاس من غير نوم. والمراد هنا شدة النوم. وانظر "تاج العروس" (١٨/٥٧٤/ وسن) .

<<  <   >  >>