للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤ - حدَّثنا موسى بن هارونَ، ثنا إسحاقُ بنُ راهُوْيَهْ (ح) .

وحدَّثنا محمدُ بنُ عبدِاللهِ الحَضْرميُّ، والحسينُ بنُ إسحاقَ، قالا: ثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ؛ ثنا (١) جَريرٌ (٢) ، عن مُطرِّفٍ (٣) ، عن الشعبيِّ، عن النعمانِ بنِ بَشيرٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مُدْهِنٌ (٤) ⦗٥١⦘ فِي حُدُودِ اللهِ، وَالرَّاكِبُ حُدُودَ اللهِ، والآمِرُ بِهَا والنَّاهِي عَنْهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ مِنْ سُفُنِ الْبَحْرِ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ مُؤَخَّرَ السَّفِينَةِ وَأَبْعَدَهَا مِنَ الْمِرْفَقِ، وَكَانُوا سُفَهَاءَ، فَكَانُوا إِذَا أَتَوْا عَلَى رِحَالِ الْقَوْمِ آذَوْهُمْ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَقْرَبُ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنَ الْمِرْفَقِ وَأَبْعَدُهَا مِنَ السَّمَاءِ (٥) ، فَبَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمِرْفَقِ أَنْ نَخْرِقَ السَّفِينَةَ، ثُمَّ نَسُدُّهُ (٦) إِذَا اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ. فَقَالَ ضُرَبَاؤُهُ (٧) مِنَ السُّفَهَاءِ: فَافْعَلْ. فَأَهْوَى إِلَى فَأْسٍ فَضَرَبَ بِهَا عُرْضَ (٨) السَّفِينَةِ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَنَشَدَهُ (٩) قَالَ: مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: نَحْنُ أَقْرَبُكُمْ مِنَ الْمِرْفَقِ وَأَبْعَدُكُمْ مِنْهُ؛ أَخْرِقُ دَفَّ (١٠) هَذِهِ السَّفِينَةِ، فَإِذَا ⦗٥٢⦘ اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ سَدَدْنَاه. قال: لا تَفْعَلْ؛ فَإِنَّكَ إِذَنْ تَهْلِكُ وَنَهْلِكُ» .


[٣٤] أخرجه ابن حبان (٢٩٨، ٣٠١) من طريق جرير، به.
(١) رواه عن جرير: إسحاق بن راهويه، وعثمان بن أبي شيبة.
(٢) هو: ابن عبد الحميد.
(٣) هو: ابن طريف.
(٤) كذا في الأصل بتنكير «مدهنٍ» ، وفي "صحيح ابن حبان" في الموضع الأول: «المداهن» ، وفي الموضع الثاني: «مثل المداهن» . و «مدهن» هنا مبتدأ، وساغ الابتداء بها مع أنها نكرةٌ؛ لأنَّها عاملةٌ فيما بعدها؛ نحو قولك: أفضَلُ منهم عندنا. ولأنَّهَا أيضًا وصفٌ ناب عن موصوفِهِ؛ والتقدير: «رجلٌ مدهنٌ ... » . وانظر "شرح ابن عقيل" (١/٢٠٣- ٢٠٧) ، و"شرح الأشموني" (١/١٩٣) . وقد تقدم تفسير المدهن والمداهن في التعليق على الحديث رقم [٢٩] . ⦗٥١⦘
(٥) كذا في الأصل: «السماء» ؛ فإنْ لم يكن مصحَّفًا عن «الماء» ، فإنَّه يكون بمعنى الطابقِ العُلْوِيِّ الذي يستقى فيه الماءُ، و «السَّمَاءُ» - في العربية- تُطْلَقُ على كُلِّ ما عَلَاكَ؛ كما في قوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحَجّ: ١٥] . انظر: "المصباح المنير" (س م و) .
(٦) أي: نسدُّ الخرق. أو: نسدُّ دَفَّ السفينة، وسيأتي قوله: «أخرق دف السفينة» . وفيه عود الضمير على المفهوم من السياق. وقد تقدم التعليق على نحوه في الحديث رقم [٢] .
(٧) الضُّرباء: جمع ضَريب، وهو المِثْلُ؛ يقال: فلان ضريب فلان، أي: نظيره. وضَرِيبُ الشيء: مِثْله وشكله. "تاج العروس" (٢/١٧١/ضرب) .
وعاد الضمير هنا بالإفراد على اعتبار أن القائل: «نحن أقرب إلى السفينة ... » إلخ، بعضُهم، أي: واحدٌ منهم؛ كما في الروايات الأخرى للحديث، والله أعلم.
(٨) العُرْض- بضم العين وسكون الراء-: الناحية والجانب. "المصباح المنير" (ص٢٠٩/ عرض) .
(٩) كذا في الأصل، ومعنى «نَشَدَهُ» : استعطفه؛ يقال: نَشَدتُّكَ اللهَ وباللهِ، أي: ذكَّرْتُكَ به واستعطفتك، أو سألتُكَ به مُقْسِمًا عليك. وانظر: "المصباح المنير" (ص٣١١/نشد) . وفي "صحيح ابن حبان" في الموضعين: «رجل رشيد» . ومعناه واضح.
(١٠) الدَّفُّ: الجنبُ من كل شيء، والجمع: دُفُوف. "المصباح المنير" (ص١٠٤/دفف) .

<<  <   >  >>