للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على النهي عن الأضداد الوجودية، كالقيام بالالتزام، والذي يأمر قد يكون غافلاً عنها.

كذا ذكره الإمام (أ) وغيره، وحكى القرافي (١) عن بعضهم أن المنافاة بين الضدين ذاتية إذا علمت ذلك؛ فلنرجع إلى ذكر المذاهب فنقول:

أحدها: أن الأمر بالفعل هو نفس النهي عن ضده، فإذا قال (٢) مثلاً: تحرك فمعناه: لا تسكن. واتصافه بكونه أمراً ونهياً باعتبارين، كاتصاف الذات الواحدة بالقرب والبعد بالنسبة إلى شيئين.

والثاني: وهو الصحيح عند الإمام (ب) وأتباعه، وكذلك الآمدي: أنه غيره، ولكنه يدل عليه بالالتزام (ج)، لأن الأمر دال على المنع من الترك، ومن لوازم المنع من ذلك منعه من الأضداد، فيكون الأمر دالاً على المنع من الأضداد بالالتزام، وعلى هذا فالأمر (٣) بالشيء نهي عن جميع أضداده بخلاف النهي عن الشيء، فإنه أمر بأحد أضداده كما ستعرفه.

والثالث: واختاره ابن الحاجب (٤) أنه لا يدل عليه أصلاً (د)، لأنه قد


(١) هو الإمام أحمد بن إدريس، أبو العباس، شهاب الدين القرافي، له مصنفات شائعة مشهورة في الفقه والأصول منها "أنوار البروق في أنواء الفروق" و"الذخيرة" في الفقه المالكي، و"شرح تنقيح الفصول" في الأصول توفي سنة ٦٨٤هـ.
(٢) في "ط" و"أ" فإذا قال له.
(٣) في "ط" الأمر.
(٤) وإليه ذهب إمام الحرمين والغزالي (هـ).
..............................
(أ) البرهان ١/ ٢٥٢ - ٢٥٤ الفقرة (١٦٤).
(ب) المصدر السابق ١/ ٢٥١ الفقرة (١٦٣).
(ج) الإحكام ٢/ ١٧٠، وقد اختار الآمدي التفصيل فانظره فيما ذكر من مرجع.
(د) انظر اختيار ابن الحاجب في: منتهى الوصول ص ٩٥، ومختصر المنتهى بشرح العضد ٢/ ٨٥ وما بعدها.
(هـ) انظر رأي الغزالي في المنخول ص ١٠٩، أما إمام الحرمين فقد ذكرنا مصدر رأيه فيما سبق.

<<  <   >  >>