للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون غافلاً عنه كما سبق، ويستحيل الحكم على الشيء مع الغفلة عنه (١).

وإذا قلنا بأنه يدل، فهل يختص بالواجب، أم يدل أيضاً أمر الندب على كراهة ضده؟ فيه قولان، حكاهما الآمدي، وابن الحاجب (أ) وغيرهما.

أصحهما: أنه لا فرق.

ويشترط في كونه نهياً عن ضده، أن يكون الواجب مضيقاً (٢).

ما نقله شراح المحصول عن القاضي عبد الوهاب (٣).


(١) قال ابن السبكي في الإبهاج ١/ ٧٨ ويتعين أن تكون هذه المذاهب في الكلام النفسي بالنسبة إلى المخلوق، وأما الله تعالى فكلامه واحد كما عرفت، لا تتطرق الغيرية إليه ولا يمكن أن يأمر بشيء إلا وهو مستحضر لجميع أضداده، لعلمه بكل شيء بخلاف المخلوق، فإنه يجوز أن يذهل ويغفل عن الضد، وبهذا الذي قلنا، صرح الغزالي، وهو مقتضى كلام إمام الحرمين والجماهير .. وأما المتكلمون في اللساني، فيقع اختلافهم على قولين أحدهما: أن يدل عليه بطريق الالتزام، وهو رأي المعتزلة، والثاني أنه لا يدل عليه أصلاً، ولبعض المعتزلة مذهب ثالث وهو أن أمر الإيجاب يكون نهياً عن أضداده، ومقبحاً لها، لكونها مانعة من فعل الواجب، بخلاف المندوب، فإن أضداده مباحة غير منهي عنها، لا نهي تحريم، ولا نهي تنزيه. ولم يقل أحد هنا: "إن الأمر بالشيء نفس النهي عن ضده لكونه مكابرة وعناداً كما قررناه" أ. هـ.
(٢) قال ابن السبكي في الإبهاج ١/ ٧٩. "وما قاله القاضي عبد الوهاب"، من اشتراط التضييق، لم يتضح لي وجهه، فإن الموسع إن لم يصدق عليه أنه واجب فأين الأمر حتى يستثنى من قولهم، الأمر بالشيء نهي عن ضده. وإن صدق عليه أنه واجب بمعنى أنه لا يجوز إخلاء الوقت عنه فضده الذي يلزم من فعله تفويته منهي عنه. وحاصل هذا، أنه إن صدق الأمر عليه، انقدح كونه نهياً عن ضده، وإلا فلا وجه لاستثنائه. أ. هـ.
(٣) انظر ترجمة القاضي عبد الوهاب في ص ٢٩ من هذا الكتاب، وقد أعرضنا عن ذكر ترجمة المحقق له في هذا الهامش، تجنباً للتعارض والتكرار.
...................
(أ) انظر: الإحكام، ومنتهى الوصول، ومختصر المنتهى في المواضع السابقة.

<<  <   >  >>