للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- ومن ذلك قول الإمام أحمد - رحمه الله - بشأن وجوب العمل بخبر الواحد، فقد نص في رواية أبي الحارث (١) على أنه: (إذا كان الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صحيحاً، ونقله الثقاة فهو سنة، ويجب العمل به، على من عقله وبلغه، ولا يلتفت إلى غيره من رأي ولا قياس) (٢). فهذا الكلام صريح في بيان رأي الإمام أحمد في وجوب العمل بخبر الواحد الصحيح، على المكلف متى بلغه الخبر، وأنه يقدم على القياس وغيره من طرق الرأي. والأمثلة على ذلك كثيرة. وبوجه عام فإن المعنى إذا كان مستفاداً من الألفاظ، على حسب ما وضعت له في اللغة، سواء كان مدلولاً عليه بالمطابقة أو التضمن، فإنه المراد من النص عند الجمهور، ومن عبارة النص عند الحنفية.

٢ - وأما المنطوق غير الصريح: فهو ما دل عليه اللف، لا بإحدى الدلالتين المذكورتين أي المطابقة والتضمن، بل بالالتزام (٣)، وهو ما يتناوله قولهم: ما يجري مجرى النص فتدخل فيه دلالات الاقتضاء، والإشارة والتنبيه أو الإيماء. ولبعض العلماء في عد هذه الأمور من المنطوق وجهة نظر مخالفة، إذ جعلوها من باب دلالة المفهوم، ولكننا آثرنا الأخذ بوجهة نظر ابن الحاجب (٤) في عدها من دلالة المنطوق، نظراً لأن هذه الأمور هي من


(١) هو: أحمد بن محمد أبو الحارث الصائغ من أصحاب الإمام أحمد الذين كان يأنس بهم ويقدمهم ويكرمهم. روى عن افمام أحمد - رحمه الله- مسائل كثيرة وجود الرواية عنه.
راجع في ترجمته: طبقات الحنابلة ١/ ٧٤ و٧٥، والإنصاف ١٢/ ٢٨٠.
(٢) العدة ٣/ ٨٥٩.
(٣) نهاية السول للأسنوي ١/ ٣٠٩ وما بعدها، الإحكام للآمدي ٣/ ٦٤.
(٤) هو: أبو عمرو عثمان بن عمر بن أب بكر بن يونس الكردي الأصل المالكي المذهب الملقب بجمال الدين، والمعروف بابن الحاجب، لكون أبيه جندياً حاجباً عند الأمير =

<<  <   >  >>