للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - ومن ذلك ما ذكره محمد بن الحسن – رحمه الله – بشأن حكم صلاة الكسوف، فقد ذكر في الأصل ما يدل على عدم الوجوب. قال: (ولا تصلي نافلة في جماعة إلا قيام رمضان وصلاة الكسوف) قال الكاساني (ت ٥٨٧هـ): "فاستثنى صلاة الكسوف من الصلوات النافلة، والمستثنى من جنس المستثنى منه، فيدل على كونها نافلة" فنص محمد لم يصرح بكونها نافلة، ولكن ذلك عُرف واستدل عليه عن طريق الاستثناء، كما ذكر الكاساني (١) لكن من الممكن المنازعة في عد مثل هذا الكلام من باب المنطوق غير الصريح.

٣ - ومما نسب إلى الإمام أحمد – رحمه الله – إيماء أنشرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يثبت نسخه. قال أبو الخطاب (٢): "وأومأ إليه أحمد في رواية الأثرم وغيره. وقد سئل عن القرعة فقال: "في كتاب الله في موضعين {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ} "الصافات/١٤١" و {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ} "آل عمران /٤٤" (٣) وهذا شرع يونس، وهذا شرع زكريا) (٤). فذكر الإمام


(١) بدائع الصنائع ١/ ٢٨٠.
(٢) هو: أبو الخطاب: محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني البغدادي، الحنبلي، والكلوذاني نسبة إلى كلواذي بلدة قريبة من بغداد. ولد ونشأ ببغداد وتتلمذ على القاضي أبي يعي، وحدث عن الجوهري. كان إمام الحنابلة في عصره، بارعاً في الفقه والأصول وعلم الخلاف والفرائض، وكان الكيا الهراسي إذا رآه مقبلاً قال: قد جاء الفقه.
تولى التدريس والإفتاء وتتلمذ عليه عدد من أئمة الحنابلة، منهم الشيخ عبد القادر الجيلي وغيره. وقد توفى ببغداد سنة ٥١٠هـ/١١١٦م.
من كتبه: التمهيد في أصول الفقه، الانتصار في المسائل الكبار، رؤوس المسائل، الهداية في الفقه، عقيدة أهل الأثر.
راجع في ترجمته: ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١١٦، شذرات الذهب ٤/ ٢٧، المنهج الأحمد ٢/ ٢٣٣، الأعلام ٥/ ٢٩١، الفتح المبين ٢/ ١١.
(٣) نص الآية: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه غليك، وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم. وما كنت لديهم إذ يختصمون). انظر: تفسيرها في روح المعاني ٣/ ١٥٨، و١٥٩.
(٤) التمهيد ٢/ ٤١١.

<<  <   >  >>