للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكون أقدم من الفروع الفقهية؛ إذ من المستبعد أن نتصور أن الأئمة قد اجتهدوا دون أن تكون معالم طريقهم واضحة لهمن وعرفوا ما يستدل وما لا يستدل به، وما هي المناهج الاستنباطية المعتد بها.

غير أنه لما لم يرد عن أغلبهم التصريح بأصولهم التي اعتدوا بها عند الاجتهاد- كما هو الشأن في رسالة الإمام الشافعي – قام التلاميذ والأتباع باستنباط تلك الأصول من الفروع. وقد كانت تلك الأصول في البداية متناثرة، ولم يقم بها شخص واحد، بل كانت جهود علماء كثيرين.

وبعد ذلك انتظمت في كتب أصولية مذهبية، متدرجة في التنظيم والتنسيق والترتيب بحسب التدرج الزمني.

إن هذا المنهج الاستقرائي هو الظاهرة الطبيعية في نشأة كثير من العلوم، سواء كانت في اللغة أو غيرها، وهو الطريق السليم إلى اكتشاف الروابط والأسس بين قضايا العلوم المتناثرة والجزئية.

ويرى كثير من الباحثين أن أصول الفقه الحنفي قامت على هذا الأساس (١).

بل إن طائفة من أصول بعض الأئمة كانت كذلك (٢). قال الدهلوي (٣):

(واعلم أني وجدت أكثرهم يزعمون أن بناء الخلاف بين أبي


(١) تاريخ التشريع الإسلامي للخضري ص ٣٣٠. الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي ١/ ٣٥٤، مقدمة ابن خلدون ص ٨١٦.
(٢) الفكر الاسمي ١/ ٣٥٥.
(٣) هو: أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي من مدينة دلهي الهندية الملقب شاء ولي الله. من علماء الهند البارزين خلال القرن الثاني عشر الهجري. كان حنفي المذهب، مطلعاً مساهماً في كثير من العلوم، توفي سنة ١١٧٦هـ.
من مؤلفاته: حجة الله البالغة، والإنصاف في أسباب الخلاف، وعقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد، وتأويل الأحاديث، وإزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء.
راجع في ترجمته: أبجد العلوم ٣/ ٢٤١ن والأعلام للزركلي ١/ ١٤٩ن وكتاب آراء الإمام ولي الله الدهلوي في تاريخ التشريع الإسلامي لسلمان الندوي.

<<  <   >  >>