للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يتفق التلاميذ أو الأصحاب على نقل كلام الإمام، وقد يختلفون فيما بينهم، فإن اتفقوا على ما ينقلونه عنه فلا شك في صحة نسبة ذلك إليه، وإن اختلفوا فإن الطريق إلى تحديد مذهب الإمام يكون بالنظر في الروايات وترجيح واحدة منها بالطرق المعتبرة في الترجيح. ولا شك أن مذهب الإمام لن يخرج عما ذكروه، ولكن لا جزم بذلك الواحد، وإنما ينسب إليه بطريق الترجيح. وهذا واضح فيما إذا كانوا ينقلون نص الإمام، أما إذا لم يكن النقل بذكر لفظ الإمام، وإنما بذكر الحكم، أو بذكر اللفظ مع تفسيره أو تقييده أو إطلاقه أو تخصيصه، وفقاً لما فهموه، فإن علماء الحنابلة لم يتفقوا على صحة نسبة ذلك للإمام، ولهم في ذلك وجهان:

أولهما: أن ذلك كنصه في صحة النسبة إليه وهذا اختيار الحسن بن حامد وغيره، كما أنه قياس قول الخرقي (١)، قال الحسن بن حامد: (إن الناقلين عن أبي عبد الله- رحمه الله- جواباته ونص سؤالاته إذا قاربوا ذلك بتفسير جواب أو نسبوا إليه حداً في وجه، فقالوا: إن ذلك منسوب وبه منوط


(١) = [ت ٢٥١هـ]، وأبو الحسن علي بن عبد الله المديني [ت ٢٣٤هـ]. وغير هؤلاء كثير ربما بلغوا المئات. [لاحظ الجزء الأول من طبقات الحنابلة للقاضي أبي يعلى].
() صفة الفتوى والمفتي والمستفتي لابن حمدان ص ٩٦.
والخرقي هو أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله البغدادي الحنبلي. وتلقيبه بالخرقي نسبة إلى بيع الخرق والثياب. أخذ علمه على طائفة من تلامذة الإمام أحمد ومنهم ابناه عبد الله وصالح. كان من أعيان الفقهاء، ويعد من أعمدة الفقه الحنبلي، ومن أوائل من أرسى قواعده وكتب فيه. هاجر من بغداد لما ظهر فيها من سب السلف، بعد أن أودع كتبه فيها، لكنها احترقت فضاع كثير من تراثه. وتوجه إلى دمشق وأقام فيها إلى أن مات سنة ٣٣٤هـ.
من مؤلفاته: المختصر في فروع الفقه الحنبلي، وطائفة من الكتب التي لا نعرف عنها شيئاً بسبب احتراقها.
راجع في ترجمته: طبقات الحنابلة ٢/ ٧٥، وفيات الأعيان ٣/ ١١٥، شذرات الذهب ٢/ ٣٣٦، معجم المؤلفين ٧/ ٢٨٢.

<<  <   >  >>