للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتورعات لا يصح أن يقال أنه مذهبه، أو أن ينسب إليه، دون النظر في طائفة من المقدمات التي تلقي بعض الأضواء على ذلك (١).

أدلة هذا القول:

وقد استدل لهذا الرأي بما يأتي:

أ- قيام المجتهدين مقام النبي- صلى الله عليه وسلم في الأمة. بدليل قوله- صلى الله عليه وسلم- (أن العلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم) (٢) والدلالة من ذلك على المطلوب أن الوراثة في العلم والتبليغ والهداية والاتباع تقتضي أن لا يأتي الوارث بما لا دليل عليه، لا سيما مع الدين والورع (٣).

ب- استدلال العلماء بأفعال الصحابة- رضي الله عنهم- على مذاهبهم، وجعلها بمثابة فعل الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهذا يعني أنهم أقاموا أفعالهم


(١) مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٩/ ١٥٣ و ١٥٤ والمقدمات التي ذكرها شيخ الإسلام هي:
أ- هل يعتقد المجتهد حسن ما يقوم به من هذه التعبدات، بحيث يقوله ويفتي به، أو أنه يفعلها دون أن يعتقد ذلك، تأسيساً بغيره، أو ناسياً؟
ب- هل فيها إرادة لتلك الأفعال توافق اعتقاده؟ لأنه من الجائز أن يقدم عليها بطبعه المخالف لاعتقاده، وهذا يحصل كثيراً.
ج- هل يرى المجتهد أن ما فعله أفضل من غيره؟ أو أنه فعل المفضول لأغراض أخرى مباحة، مع رؤياه أن الآخر أرجح؟
د- وإذا كان يرى أحدهما أرجح فهل هو أرجح مطلقاً، أو أنه أرجح في بعض الأحوال؟
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٩/ ٥٤.
(٢) الموافقات ٤/ ٢٤٤، صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص ١٠٣.
والحديث رواه أحمد والأربعة وآخرون عن أبي الدرداء مرفوعاً، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما وحسنه حمزة الكتاني وضعفه غيرهم لاضطراب سنده. لكن توجد شواهد تدل على أن للحديث أصلاً [لاحظ: كشف الخفاء ومزيل الإلباس ٢/ ٨٣ حديث ١٧٤٥].
(٣) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي لابن حمدان ص ١٠٣.

<<  <   >  >>